فلبث (١) زمانا من دهري وأنا أجد برد ذلك الخاتم ، ثم انطلقوا وأقبل الحي بحذافيرهم وأقبلت معهم أمي التي أرضعتني ، فلما رأت ما بي أكرمتني وقالت : يا محمد قتلت لوحدتك (٢) وليتمك ، وأقبل الحي يقبلون ما بين عيني إلى مفرق رأسي ويقولون : يا محمد ، قتلت لوحدتك (٢) وليتمك ، احملوه إلى أهله لا يموت [عندنا ، فحملت إلى أهلي ، فلما رآني عمي أبو طالب ، قال : والذي نفسى بيده لا يموت](٣) ابن أخي حتى تسود به قريش جميع العرب ، احملوه إلى الكاهن ، فلما حملت إليه فلما رآني قال : يا محمد حدثني ما رأيت ، وما صنع بك؟ فأنشأت أقص عليه القصص ، فلما سمعه وثب (٤) علي فالتزمني (٥) وقال يا للعرب (٦) اقتلوه فو الذي نفسي بيده لئن بقي حتى يبلغ (٧) مبالغ الرجال ليشتمن موتاكم ، وليسفهن رأيكم ، وليأتينكم بدين ما سمعتم بمثله قطّ. قال : فوثبت عليه أمي التي أرضعتني فقالت : إن كانت نفسك قد عمتك (٨) فالتمس لها من يقتلها ، فإنّا غير قاتلي هذا الغلام ، فهذا بدوّ شأني وحقيقة قولي.
قال : فقال العامري : فما تأمرني يا محمد؟ قال : آمرك أن تشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وتصلّي الخمس لوقتهن ، وتصوم شهر رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا. وتؤدي زكاة مالك. قال : فما لي إن فعلت ذلك؟ قال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى)(٩).
فقال : يا محمد ، فأي المسمعات أسمع؟ قال : جوف الليل الدامس ، إذا هدأت العيون فإن الله تعالى حي قيوم ، يقول : هل من تائب فأتوب عليه ، هل من مستغفر فأغفر له ذنبه ، هل من سائل فأعطيه سؤله.
__________________
(١) كذا بالأصل وخع ، وفي المختصر : «فقد لبثت».
(٢) بالأصل وخع : «لوجدتك» والمثبت عن المختصر.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن خع والمختصر.
(٤) بالأصل وخع «ثبت» والمثبت عن المختصر ، وفي الطبري : «وثب إليّ».
(٥) بياض بالأصل وخع واللفظة استدركت عن المختصر ، وفي الطبري : فضمني إلى صدره.
(٦) عن خع ، وبالأصل «للعرب» بدون «يا».
(٧) بالأصل وخع «بلغ» والمثبت عن المختصر.
(٨) بالأصل وخع : «تمهلت» والمثبت عن المختصر.
(٩) طه الآية : ٧٦ وفيها : (مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ، وَذلِكَ جَزاءُ مَنْ تَزَكَّى).