واعلم أنّ تقيّة عمّار وإن كانت من المشركين لكن تقيّة عمّار شأن نزول الآية وموردها ، والمرد ليس مخصّصاً ، فانّ الآية الشريفة عامة شاملة لكلّ تقيّة حتّى من المسلم ، خصوصاً مع التعبير بكلمة (من) الموصولة التي هي عامّة شاملة ، تشمل كلّ من اكره على شيء فارتكبه.
ثمّ إنّه اذا جازت التقيّة في اظهار الكفر بالله تعالى ، واُبيجت لعمار فكيف بسائر الناس في سائر الأشياء دون الكفر بالله تعالى وعمّار ممّن ملئ ايماناً من قرنه إلى قدمه ، واختلط الايمان بلحمه ودمه ، وحرّم الله لحمه ودمه على النار ، وروى فيه حتّى أهل السنّة ان «من عادى عمّاراً عاداه الله» ، ومن أبغضه أبغضه الله ، وإنّ الجنّة مشتاقة إليه (١).
٢ ـ قوله تعالى :
(لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ) (٢).
فالآية الشريفة جوّزت التقيّة فيما هو من أبغض الأشياء إلى الله تعالى وهو اتّخاذ الكافرين أولياء وأحبّة (٣).
قال السيوطي في تفسيره :
__________________
١. سفينة البحار : ج ٦ ، ص ٥٠٧.
٢. سورة آل عمران (٣) ، الآية ٢٨.
٣. في حديث الامام الصادق عليه السلام : (من أحبّ كافراً فقد أبغض الله ، ومن أبغض كافراً فقد أحبّ الله). أطيب البيان : ج ٣ ، ص ١٦٤.
وفي حديث الامام الرضا عليه السلام : (كن محبّاً لآل محمّد وإن كنت فاسقاً ، وكن محبّاً لمحبّيهم وإن كانوا فاسقين).
قال العلّامة المجلسي : إنّ هذا الحديث موجود الآن بخط مولانا الامام الرضا عليه السلام في كروند باصفهان. أطيب البيان : ج ٣ ، ص ١٦٥.