متقدماً مطبوعاً ، يقال له انّ أكثر الناس شعراً في الجاهلية وآلإسلام ثلاثة : بشّار ، أبو العتاهية ، والسيد ، فانّه لا يعلم انّ أحداً قدر على تحصيل شعر أحد منهم أجمع. (١)
كان السيد أسمر ، تامّ القامة ، أشنب (٢) ، ذا وفرة ، حسن الألفاظ ، جميل الخطاب ، إذا تحدث في محل قوم أعطى كلّ رجل في المجلس نصيبه من حديثه. (٣)
٨. ونقل عن التوزي ، أنّه قال : رأى الأصمعي جزءاً فيه من شعر السيد ، فسترته عنه لعلمي بما عنده فيه ، فأقسم عليّ ان أخبره فأخبرته ، فقال : أنشدني قصيدة منه ، فأنشدته قصيدة ثمّ أُُخرى ، وهو يستزيدني ، ثمّ قال : قبّحه اللّه ما أسلكه لطريق الفحول! لولا مذهبه ، ولولا ما في شعره ما قدمت عليه أحداً من طبقته. (٤)
أقول : « كلّ إناء بالّذي فيه ينضح » (٥) ، انّ الاصمعي ناصبي عنيد يبغض علي بن أبي طالب عليهالسلام والعترة الطاهرة عليهمالسلام فلا غرو في أن يدعو على السيد بما عرفت ، ولكن مع ذلك لم يستطع أن يُسدل الستار على عظمة السيد في مجال الشعر ، وانّه سلك طريق الفحول في عالم القريض ، ويتلوه في المذهب والإطراء أبو عبيدة ، ومع ذلك يقول في حقّ السيد أشعر المُحْدَثِين السيّد الحميري وبشار. (٦)
٩. وروى عمر بن شبّة ، قال : أتيت أبا عبيدة معمر بن المثنى يوماً وعنده رجل من بني هاشم يقرأ عليه كتاباً ، فلمّا رآني أطبقه ، فقال له أبو عبيدة : إنّ أبا
__________________
١ ـ الأغاني : ٧ / ٢٢٩.
٢ ـ الشنب : البياض والبريق والتحديد في الاسنان.
٣ ـ الأغاني : ٧ / ٢٣١.
٤ ـ الأغاني : ٧ / ٢٣٢.
٥ ـ « مثل يُضرب ».
٦ ـ الأغاني : ٧ / ٢٣٢.