الخضراوي (١) من أنّها لا تدلّ على امتناع شيء من الشرط والجزاء ، قال ابن هشام المتأخّر : وهذا الذي قالاه كإنكار الضروريات إذ فهم الامتناع منها كالبديهي ، فإنّ كلّ من سمع لو فعل ، فهم عدم وقوع الفعل ، من غير تردّد ، ولهذا يصحّ في كلّ موضع استعملت فيه أن تعقبه بحرف الاستدراك داخلاً على فعل الشّرط منفياً لفظاً أو معنى ، تقول : ( لو جاءني أكرمته لكنّه لم يجئ ).
ومنه قوله :
ولَوْ أنّما أسْعَى لأدْنَى مَعِيشَةٍ |
|
كفاني ولم أُطْلُبْ قليلٌ (٢) مِنَ المالِ |
و لَكِنَّما أسْعَى لِمَجْد مُؤَثَّلِ |
|
وقَدْ يُدْرِكُ المَجْدَ المُؤَثَّلَ
أَمثالي (٣) |
وقوله :
فَلَوْ كانَ حَمْدٌ يُخْلِدُ النّاسُ
لَمْ يَمُتْ |
|
ولكنَّ حَمْدَ النّاسِ لَيْسَ
بِمُخْلِدِ (٤) |
ومنه قوله تعالى : ( وَلَوْ شِئْنا لآتَيْنا كُلّ نَفس هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَولُ مِنّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ ) (٥) أي ولكن لم أشأ ذلك فحقّ القول منّي ، وقوله تعالى : ( وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلكِنَّ اللّهَ سَلَّمَ ) (٦) أي فلم يريكموهم
__________________
١ ـ هو محمد بن يحيى المعروف ب « ابن هشام » الخضراوي ( المتوفّى سنة ٦٤٦ هـ ) ، وله « الاقتراح في تلخيص الإيضاح » في النحو ، وكتاب « غرر الصباح في شرح أبيات الإيضاح » انظر كشف الظنون للخليفة الحاجبي : ١ / ٢١٣ وإيضاح المكنون ، لإسماعيل باشا البغدادي عن ذكر كتابيه.
٢ ـ إنّما رفع « قليل » لأنّه لم يجعل القليل مطلوباً ، وإنّما المطلوب ، عنده « المُلْكُ » وجعل القليل كافياً ، ولو لم يُرد ذلك ونصبَ فَسَد المعنى. ( كتاب سيبويه : ١ / ٧٩ ).
٣ ـ ديوان امرئ القيس : ١٣٩ ، في قصيدته التي مطلعها ( ألا عِمْ صباحاً أيّها الطللُ البالي ) يتغزّل ويصف مغامراته وصيده وسعيه إلى المجد.
٤ ـ البيت من قصيدة لزهير بن أبي سُلمى ، يمدح بها هَرَم بن سنان. انظر شرح ديوانه : ص ١٣٠.
٥ ـ السجدة : ١٣.
٦ ـ الأنفال : ٤٣.