مضمونهما معاً هو المفعول به في الحقيقة فحذف أحدهما بمنزلة حذف بعض أجزاء الكلمة ، وممّا جاء من حذف الأوّل قوله تعالى : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ ) (١) على القراءة بالياء ، أي بخلهم هو خيراً ، ويمكن أن يقال : إنَّ « هو » هو المفعول الأوّل على أن يكون الضمير المرفوع مقاماً مقام المنصوب ويكون راجعاً إلى البخل المفهوم من الفعل كقوله تعالى : ( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى ) (٢).
وممّا جاء من حذف الثاني قوله :
لا تُخلنا على غَراتِكَ ، إنّا |
|
طالما قد وشَى بنا الأعداءُ (٣) |
أي لا تخلنا جازعين ، أو أذلاّء على إغرائك المُلك بنا.
وقوله :
وَ لَقَدْ نَزَلْتِ فَلاَ تَظُنّي
غَيْرَهُ |
|
مِنّي بِمنزِلَةِ المُحِبِّ
المُكْرَمِ (٤) |
أي لا تظني غيره واقعاً. وقد قام فيهما الظرف مقام المفعول الثاني ، فلعله يقتصر الجواز على ذلك لأنّه بمنزلة الذكر.
« المفزع » هنا اسم مكان بمعنى : « الملجأ » أي من يُفزَع ويُلتَجأ إليه على
__________________
١ ـ آل عمران : ١٨٠.
٢ ـ المائدة : ٨.
٣ ـ البيت من معلّقة الحارث بن حلزة اليشكري التي أولها :
آذنتنا ببينها
أسماء |
|
رب ثاو يمل منه
الثواء |
( شرح الرضي : ١ / ٢٠٧ ). وكتاب العين : ٤ / ٤٤١ وفيه الغراة هنا : الكتف.
٤ ـ البيت لعنترة بن شداد العبسي ، من معلقته المشهورة التي مطلعها :
هَلْ غادَرَ
الشُّعَراءُ مِنْ مُتردَّمِ |
|
أَمْ هَلْ
عَرَفْتَ الدّارَ بَعْدَ تَوَهّم؟ |
( شرح ابن عقيل : الشاهد ١٣٣ ).