فأمّا قول السيد : « إذ قال الإله بعزمه » والعزم لا يجوز على اللّه تعالى ، لأنّه اسم لإرادة متقدّمة على الفعل ، وإرادة القديم تعالى لفعله لا تتقدّم عليه ؛ لأنّ تقدّمها عبث.
فالوجه فيه أنّ السيد إنّما أراد بالعزمة هاهنا القطع للأمر ، والثبات له ، والإيجاب لفعله ؛ لأنّهم يقولون : عزمت عليك أن تفعل كذا وكذا أي ألزمتك وأوجبت عليك ، والإرادة إذا تناولت فعل الغير لا تسمّى عزماً ، ويسمّون الواجبات : « عزائم » ولا يسمّون المندوبات بذلك ، ولهذا قالوا : عزائم السجود في القرآن وهي السور التي فيها سجود واجب ، فما أخطأ السيّد في ذكر العزمة ولا وضعها في غير موضعها. انتهى.
قيله طاب مقيله وكلّ ما قاله سديد إلاّ أنّ في نفيه بقدم إرادة اللّه تعالى على فعله تأمّلاً ليس هنا مقام بسط الكلام عليه فليطلب من مواضعه.
« من » للابتداء.
« الربّ » يكون بمعنى السيّد ، قال عزّ قائلاً : ( اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ ) (١) وقال الأعشى :
واهلكني يوماً رب كندة وابنه |
|
وربّ معد بني خبت وعرعر (٢) |
ويكون بمعنى « المالك » ، روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال لرجل : أربّ إبل أنت أم ربّ غنم؟
وقال طرفة :
كقنطرة الرومي أقسم ربّها |
|
لتكتنفن حتّى تشاد بقرمد (٣) |
__________________
١ ـ يوسف : ٤٢.
٢ ـ ذكره الشيخ الطوسي في « التبيان في تفسير القرآن » : ١ / ٣١ ونسبه إلى لبيد بن ربيعة. وذكره ابن جريرالطبري في « جامع البيان » : ١ / ٩٣.
٣ ـ ذكره ابن منظور في لسان العرب : ٥ / ٢٣٣ : « قنطر ».