وظاهر هذين النصين انّ المجلس انعقد بعد وفاة زيد الشهيد بقليل. لأنّ فُضيل الرسان دخل على جعفر بن محمد الصادق ليعزِّيه عن عمه ، وقد استشهد زيد في صفر عام ١٢٢ هـ أو ١٢٣ هـ وعلى ذلك ، فقد انشأ السيد القصيدة في هذه السنة أو قريبة منها وبما انّه ولد عام ١٠٥ هـ فقد كان في ريعان شبابه حين قتل زيد وانشأ القصيدة في تلك الأيّام.
ولا غرو في ذلك ، وقد نقل المرزباني عن العباسة بنت السيد ، انّها قالت : قال لي أبي : كنت وأنا صبي أسمع أبويَّ يثلبان أمير المؤمنين عليهالسلام فأخرج عنهما وأبقى جائعاً ، واوثر ذلك على الرجوع إليهما ، فأبيت في المساجد جائعاً لحبّي فراقهما وبغضي إيّاهما حتى إذا أجهدني الجوع رجعت فأكلت ثمّ خرجت ، فلمّا كبرت قليلاً وعقلت وبدأت أقول الشعر ... (١)
ونقل المرزباني عن أبي إسماعيل إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن حسن بن طباطبا ، قال : سمعت زيد بن موسى بن جعفر ، يقول : رأيت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في النوم وقدّامه رجل جالس عليه ثياب بيض ، فنظرت إليه فلم أعرفه ، إذ التفت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له : يا سيد ، أنشدني قولك : « لأُمِّ عمرو في اللِّوى مَرْبَعُ ».
فأنشده إيّاها كلّها ما غادر منها بيتاً واحداً ، فحفظتها عنه كلّها في النوم. قال أبو إسماعيل : وكان زيد بن موسى لحّاناً رديّ الانشاد ، فكان إذا أنشد هذه القصيدة لم يتعتع فيها ولم يلحن. (٢)
وقد نقل العلاّمة المجلسي مناماً عن علي بن موسى الرضا ، نقله عنه سهل
__________________
١ ـ أخبار شعراء الشيعة : ١٥٤.
٢ ـ المصدر نفسه : ١٦١ ـ ١٦٢ ، وقريب منه ما نقله الشريف الرضي في حقائق الأئمّة.