لأنّه لا يجوز أن يكون فاعل فعل من غير أفعال القلوب ومفعوله ضميرين لشيء واحد ، ولا يقال ضربتني ولا فرحت لي بل ضربت نفسي وفرحت بنفسي.
وردّ عليه بأمرين :
أحدهما أنّها لو كانت اسماً في هذه المواضع لصحّ إقامة « فوق » مقامها ، وأنت خبير بأنّه يصحّ ولكن بتكلّف في الأخيرين.
وثانيهما : أنّه لو تمّ الدّليل على اسميّتها لكانت « إلى » في قوله تعالى : ( فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ) (١) وقوله : ( وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ ) (٢) وقوله : ( هُزِّي إِلَيْكِ ) (٣) اسماً ، ولم يقل به أحد ، بل إنّما أوّلوها بأحد أمرين : أحدهما أن يقدّر مضاف ، أي إلى نفسك ، أو يقدّر تعلّقها بمقدّر ، كما في نحو : سقيا لك.
وكلّ من هذين الوجهين من التأويل جاري في أمثلة « على » فلا حاجة إلى القول باسميتها. وله أن يقول : إنّهم إنّما ارتكبوا التأويلين في « إلى » لمّا لم يثبت اسميتها ، و « على » بخلاف ذلك فقد ثبت اسميّتها في الجملة فلا حاجة فيها إلى شيء من التأويلين.
ثمّ اختلف في « على » الاسمية أنّها معربة أو مبنية. والحقّ أنّها مبنيّة ؛ لمشابهتها الحرفية صورة ومعنى ، ويخالف عن الاسمية في أنّه لا يلزمها الإضافة كما يلزم « عن » ، قال :
باتَتْ تَنُوشُ الحوضَ نوشاً من علا |
|
نوشاً به تقطع أجواز الفلا (٤) |
وأمّا الحرف فقد اختلف في وجوده فالجمهور عليه ، وقيل : بل لا يكون إلاّ
__________________
١ ـ البقرة : ٢٦٠.
٢ ـ طه : ٢٢.
٣ ـ مريم : ٢٥.
٤ ـ ذكر البيت في تاج العروس : ١٠ / ٢٥١ ، ونسبه إلى أبي النجم أو إلى غيلان بن حريث الربعي ، انظر لسان العرب : ٥ / ١٦٤.