ثمّ إنّ سيبويه والأكثرين على أنّه قد يكون حرفاً جارّاً للاسم والكوفيّون على أنّه يختص بالفعل فلا يكون جارّاً أبداً ، وقيل : إنّه لا يكون إلاّ جارّاً وهو رأي الأخفش ، فالذين قالوا : إنّها قد تكون ناصبة وقد تكون جارّة قالوا : إنّه قد تتقدّم « اللاّم » نحو ( لِكَيْلا تَأسَوْا ) (١) فحينئذ لابدّ من أن تكون ناصبة ، بمعنى أن « لا » جارّة بمعنى « لام » التعليل والاسم يدخل عليها « لام » التعليل وما في البيت من هذا القبيل ، وقد يكون بعدها « أن » المصدرية الناصبة فلابدّ من أن تكون بمعنى « لام » التعليل.
وكذلك إذا انتصب بعدها الفعل وليس هناك « لام » ولا « أن » وكذلك إذا كان بعدها « ما » الاستفهامية فيقال : « كيمه » بمعنى « لمه » ولا يجرّ الاسم الصريح إلاّهنا وأمّا نحو : « كي لتقضيني ، فاللام عندهم زائدة مؤكّدة ل « كي » ، أو بدل منها ، كما أنّ « أن » في نحو قولهم : لكنّما أو كيما أن أفعل تأكيد أو بدل ، لكون « كي » هنا بمعنى « أن » وآبدال الحرف من الموافق له في المعنى واقع ، كما قيل في قوله : « فثمّ إذا أصبحت أصبحت عادياً ». (٢)
إنّ ثمّ بدل من الفاء ، والّذين قالوا إنّها لا تكون إلاّ جارّة يعتذرون في نحو ما في البيت بزيادة اللام. واعتذر الكوفيّون النافون لكونها جارّة عن نحو « كيمه » بأنّها ناصبة لمقدّر ، كأنّه قال القائل فعل كذا لكذا ، فقال : كيمه؟ أي : كي تفعل ماذا؟ ولا تتصرّف تصرّف « أن » فلا تقع مبتدأ ، ولا فاعلاً ، ولا مفعولاً ، ولا مجروراً إلاّ باللام ، ويجوز تأخير معلول ما بعدها عنها فتقول : كي أزورك جئتك.
__________________
١ ـ الحديد : ٢٣.
٢ ـ شطر بيت نُسب إلى زهير كما جاء في ديوانه : ١٠٦ وكامله :
أراني إذا ما بتُّ
بتُّ على هوىً |
|
و أنّي إذا أصبحت ُ
أصبحتُ غادياً |
وقال الإصمعي : ليست لزهير ، وقيل : هي لصرمة الأنصاري ولا يشبه كلام زهير.