بالرحمن (قارِعَةٌ) من الأحكام الأزلية تقرعهم في أنواع المعاملات التي تصدر عنهم موجبة للشقاوة (أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ) قالبهم بأن تصدر تلك المعاملة ممن يصحبهم :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه
(حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ) يدرك الشقاء الأزلي. ومن أمارات الشقاوة الاستهزاء بالأنبياء والأولياء (ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ) أي أمسكتهم لئلا يرجعوا عن مقام الشقاوة (لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) بالبعد والحجاب وعبودية النفس والهوى (وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ) بأنواع الحسرات والشعور بالهيئات والملكات الموجبة للدركات (أُكُلُها دائِمٌ) هي مشاهدات الجمال ومكاشفات الجلال (وَظِلُّها) أي إنهم في ظل معاملاتهم وأحوالهم التابعة لشمس وجودهم على الدوام (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) هم السر والروح والقلب الذين فهموا أسرار القرآن (وَمِنَ الْأَحْزابِ) النفس والهوى والقوى (مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) لثقل التكليف عليهم وللجهل بفوائده (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) المخالفين بالشرك في الطلب من (بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) وهو طلب الوحدانية ببذل الأنانية (وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) فيه أن الرسل جذبتهم العناية في البداية فترقوا من حضيض الحيوانية إلى أوج الروحانية ثم إلى معارج النبوة والرسالة في النهاية فلم يبق فيهم من دواعي البشرية ما يزعجهم إلى طلب الأزواج بالطبيعة والركون إلى الأولاد بخصائص الحيوانية بل رغبهم الله سبحانه في ذلك على وفق الشريعة بخصوصية الخلافة بإظهار صفة الخالقية ومثله (وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الأنبياء : ٨] (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) لأهل السعادة من أفاعيل أهل الشقاوة (وَيُثْبِتُ) لهم من خصال أهل السعادة وبالعكس لأهل الشقاوة (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) الذي قدر فيه خاتمة كل من الفريقين (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ) بالكشف بعض مقاماتهم كما أخبر عن العشرة المبشرة بأنهم في الجنة وعن غيرهم بأنه في النار. (أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أرض البشرية فننقص منها بالازدياد في الأوصاف الروحانية.