إسلامكم وقد صرتم معنا في النار؟ فيغضب الله لهم فيأمر لكل من كان من أهل القبلة بالخروج فحينئذ يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين. وقرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الآية». وروى مجاهد عن ابن عباس أنه قال : ما يزال الله يرحم المؤمنين ويخرجهم من النار ويدخلهم الجنة بشفاعة الملائكة والأنبياء حتى إنه تعالى في آخر الأمر يقول : من كان من المسلمين فليدخل الجنة فهناك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين (ذَرْهُمْ) ظاهره أمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بأنه يخليهم وشأنهم ، فاحتجت الأشاعرة به على أنه سبحانه وتعالى قد يصد عن الإيمان ويفعل بالمكلف ما يكون مفسدة في الدين. وقالت المعتزلة : ليس هذا إذنا وتجويزا وإنما هو تهديد ووعيد وقطع طمع النبي عن ارعوائهم ، وفيه أنهم من أهل الخذلان ولا يجيء منهم إلا ما هم فيه ، ولا زاجر لهم ولا واعظ إلا معاينة ما ينذرون به حين لا ينفعهم الوعظ. وفي الآية تنبيه على أن إيثار التلذذ والتمتع وما يؤدي إليه طول الأمل ليس من أخلاق المؤمنين (وَ) معنى (يُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) يشغلهم الرجاء عن الإيمان والطاعة. لهيت عن الشيء بالكسر ألهى لهيا إذا سلوت عنه وتركت ذكره وأضربت عنه. وألهاني غيره. عن أنس أن النبي صلىاللهعليهوسلم خط خطا وقال : هذا الإنسان. وخط آخر إلى جنبه وقال : هذا أجله. وخط آخر بعيدا منه فقال : هذا الأمل. فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) سوء صنيعهم مزيد تأكيد للتهديد.
ثم ذكر ما هو نهاية في الزجر والتحذير فقال (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ) أي مكتوب (مَعْلُومٌ) وهو أجلها الذي كتب في اللوح. قال جار الله : قوله (وَلَها كِتابٌ) جملة واقعة صفة لقرية والواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف. وذكر السكاكي في المفتاح أن هذا سهو لأن الفصل بين الموصوف والصفة لا يجوز ولكن الجملة حال من قرية ومثل هذا جائز ، ولو كان ذو الحال نكرة محضة كقولك «جاءني رجل وعلى كتفه سيف» لعدم التباس الحال بالوصف لمكان الفاصلة بالواو ، وكيف وقد زادت الفاصلة في الآية بكلمة (إِلَّا) وذو الحال قريب من المعرفة إذ التقدير : وما أهلكنا قرية من القرى من قبل إفادة من الاستغراق. قال قوم : المراد بهذا الهلاك عذاب الاستئصال الذي كان ينزله الله بالمكذبين المعاندين من الأمم السالفة. وقال آخرون : أراد الموت والأول أقرب لأنه في الزجر أبلغ وكأنه قيل : إن هذا الإمهال لا ينبغي أن يغتر به العاقل فإن لكل أمة وقتا معينا في نزول العذاب لا يتقدم ولا يتأخر. وقيل : أراد مجموع الأمرين. قال صاحب النظم : إذا كان السبق واقعا على شخص فمعناه جاز وخلف كقولك «سبق زيد عمرا» أي جازه وخلفه وأنه قصر عنه وما بلغه ، وإذا كان واقعا على زمان فعلى العكس كقولك «سبق فلان