أرى بعض ما يقوله حقا. وقال أبو جهل : هو مجنون. وقال أبو لهب : كاهن. وقال حويطب بن عبد العزى : هو شاعر نزلت. وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا أراد تلاوة القرآن تلا قبلها ثلاث آيات وهن في سورة الكهف (جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً) [الآية : ٥٧] وفي النحل : (أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) [الآية : ١٠٨] وفي «حم الجاثية» (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) [الآية : ٢٣]. وكان الله تعالى يحجبه ببركات هذه الآيات عن عيون المشركين وذلك قوله : (جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً) أي ذا ستر وقد جاء مفعول بمعنى ذا كذا كما جاء فاعل على ذلك كثيرا نحو «لابن وتامر» من ذلك قولهم «رجل مرطوب» أي ذو رطوبة ، و «مكان مهول» و «ذهول» و «سبل مفعم» ذو إفعام. وجوّز الأخفش مجيء مفعول بمعنى فاعل مثل «مشؤوم» و «ميمون». وقيل : إنه حجاب يخلقه الله في عيونهم بحيث يمنعهم الحجاب عن رؤية النبي صلىاللهعليهوسلم وذلك الحجاب شيء لا يراه أحد فهو مستور. وعلى هذا يصح قول الأشاعرة إنه يجوز أن تكون الحاسة سليمة والمرئي حاضرا والرؤية غير حاصلة لأجل أنه تعالى يخلق في العيون شيئا يمنعهم من الرؤية ، ويحتمل أن يراد حجاب من دونه حجاب أو حجب فهو مستور بغيره أو حجاب يستر أن يبصر فكيف يبصر المحتجب به. والقول الثاني في الآية أن المراد بالحجاب الطبع والختم فاستدلت الأشاعرة به وبقوله : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ) [الأنعام : ٢٥] الآية. على صحة مذهبهم في خلق الكفر والإيمان كما مر في سورة الأنعام في قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا) [الأنعام : ٣٥]. وأجاب الجبائي بأن المراد أنهم يطلبون موضعه بالليالي ليقتلوه ويستدلون عليه باستماع قراءته فأمنه الله من شرهم بأن جعل في قلوبهم ما شغلهم عن فهم القرآن وفي آذانهم ما منعهم عن سماع صوته. وقال الكعبي : أراد به التخلية والخذلان كالسيد إذا لم يراقب حال عبده فساءت أخلاق العبد يقول : أنا ألقيتك في هذه الحالة بسبب أني لم يراقب حال عبده فساءت أخلاق العبد يقول : أنا ألقيتك في هذه الحالة بسبب أني خليتك ورأيك. وقال جار الله : هذه حكاية لما كانوا يقولونه من قولهم قلوبنا غلف وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب. ومن قبائح أهل الشرك أنهم كانوا يحبون أن تذكر آلهتهم كلما ذكر الله فإذا سمعوا ذكر الله دون ذكر آلهتهم نفروا وانهزموا عن المجلس فلذلك قال تعالى : (وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ) وهو مصدر سدّ مسد الحال والتقدير يحد وحده مثل «وأرسلها العراك» (وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً) مصدر من غير لفظ التولية أو جمع نافر كقاعد وقعود فأوعدهم الله على ذلك بقوله : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ) من الهزء بك وبالقرآن. قاتل جار الله (بِهِ) في موضع الحال كما تقول يستمعون