بطريق الجد بل طمعا فيهم أن يستحيوا منه ويرقوا له. و (أَطْهَرُ) بمعنى الطاهر لأنه لا طهارة في نكاح الرجال (فَاتَّقُوا اللهَ) بإيثارهن عليهم (وَلا تُخْزُونِ) ولا تفضحوني من الخزي أو لا تخجلوني من الخزاية وهي الحياء. (فِي ضَيْفِي) في حق أضيافي فخزي الضيف والجار يورث للمضيف العار والشنار. والضيف يستوي فيه الواحد والجمع ويجوز أن يكون مصدرا. (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ) صالح أو مصلح مرشد يمتنع أو يمنع عن مثل هذا العمل القبيح.
(قالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍ) من شهوة ولا حاجة لأن من احتاج إلى شيء فكأنه حصل له فيه نوع حق ولذلك قالوا (وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ) ويجوز أن يراد إنهن لسن لنا بأزواج فلا حق لنا فيهن من حيث الشرع ومن حيث الطبع ، أو يراد إنك دعوتنا إلى نكاحهن بشرط الإيمان ونحن لا نؤمن البتة فلا يتصور لنا حق فيهن. قال لوط (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) وجوابه محذوف أي لفعلت بكم وصنعت وبالغت في دفعكم. قال أهل المعاني : حذف الجواب أبلغ لأن الوهم يذهب إلى أنواع كثيرة من الدفع والمنع. والمراد لو أن لي ما أتقوى به عليكم فسمى موجب القوة بالقوة ، ويحتمل أن يريد بالقوة القدرة والطاقة (أَوْ آوِي) أنضم (إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) حام منيع شبه الركن من الجبل في شدته. وقوله : (أَوْ آوِي) عطف على الفعل المقدر بعد «لو». والحاصل أنه تمنى دفعهم بنفسه أو بمعاونة غيره ، قال ذلك من شدة القلق والحيرة في الأمر النازل به ولهذا قالت الملائكة وقد رقت عليه وحزنت له : إن ركنك لشديد. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم «رحم الله أخي لوطا كان يأوي إلى ركن شديد فما بعث نبي بعد ذلك إلا في ثروة من قومه» (١) ويحتمل أن يريد بالركن الشديد حصنا يتحصن به فيأمن من شرهم ، ويحتمل أنه لما شاهد سفاهة القوم وإقدامهم على سوء الأدب تمني حصول قوة قوية على الدفع. ثم استدرك وقال بل الأولى أن آوي إلى ركن شديد وهو الاعتصام بعناية الله. روي أنه أغلق بابه لما جاؤوا فتسوروا الجدار فلما رأت الملائكة ما لقي لوط من الكرب (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) وهذه جملة موضحة للتي قبلها لأنهم إذا كانوا رسل الله لم يصل الأعداء إليه ولن يقدروا على ضرره ، فأمره الملائكة أن يفتح الباب فدخلوا فاستأذن جبرائيل ربه في عقوبتهم فأذن له ، فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم كما قال سبحانه (وَلَقَدْ راوَدُوهُ
__________________
(١) رواه البخاري في كتاب الأنبياء باب : ١٩. ابن ماجه في كتاب الفتن باب : ٢٣. أحمد في مسنده (٢ / ٣٢٦ ، ٣٣٢).