موت بعد ذلك. عن الحسن (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) متعلق بقوله : (فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) وقوله : (وَأَنْذِرْهُمْ) اعتراض. ويحتمل أن يتعلق بـ (أَنْذِرْهُمْ) أي أنذرهم على هذه الحال غافلين غير مؤمنين. ويحتمل أن يكون «إذ» ظرفا لـ (أَنْذِرْهُمْ) أي أنذرهم حين قضي الأمر ببيان الدلائل وشرح أمر الثواب والعقاب. ثم أخبر عنهم أنهم في غفلة (وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ثم قرر بقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ) أن أمور الدنيا كلها تزول وأن الخلق كلهم يرجعون إلى حيث لا يملك الحكم إلا الله وفيه من التخويف والإنذار ما فيه.
التأويل : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ) الأزلي (مَرْيَمَ) القلب (إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها) تفردت من أهل الدنيا متوجها إلى جانب شروق النور الإلهي (فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ) حجاب الخلوة والعزلة (فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا) وهو نور الإلهام الرباني والخاطر الرحماني كقوله : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢١] (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) كما تمثل روح التوحيد بحروف «لا إله إلا الله» لانتفاع الخلق به. (قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ) ظنا منها أنه يشغلها عن الله. (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ) الوارد الرباني (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) طاهرا عن لوث الظلمة الإنسية وهو النفس المطمئنة القدسية. (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) خاطر من عالم البشرية (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) أطلب غير ما خلقت لأجله وهو التوجه إلى عالم الروح المجرد (فَحَمَلَتْهُ) بالقوة القريبة من الفعل (فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا) لافتقاره إلى العبور على منازل الشريعة والطريقة (فَأَجاءَهَا) مخاض الطلب والتعب (إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ) وهي كلمة «لا إله إلا الله» التي كان أصلها ثابتا في أرض نفسها (قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا) قال بعض أهل التحقيق : هذه كلمة يذكرها الصالحون عند اشتداد الأمر عليهم. قال علّي عليهالسلام يوم الجمل : يا ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة. وعن بلال : ليت بلالا لم تلده أمه. وقيل : إن مريم قالت ذلك لعلمها بأن الله تعالى يدخل النار خلقا كثيرا بسبب تهمتها وبسبب الغلو والتقصير في حق ابنها قلت : إن مريم القلب قالت يا ليتني مت عن اللذات الجسمية قبل هذا الوقت الذي فزت باللذات الحقيقية وكنت نسيا منسيا ، فإن الخمول راحة والشهرة آفة (فَناداها) بلسان الحال من تحت تصرفها من آلات القوى (أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ) أي تحت تصرفك (سَرِيًّا) هو الغلام الموعود أو جدول الكشوف والعلوم الدينية (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ) بالمداومة على الذكر (تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا) من المشاهدات والمكاشفات حالا فحالا (فَكُلِي وَاشْرَبِي) من