باللسان عما يوجد به كما عبر باليد عما يطلق بها وهو العطية وقد مر تحقيق الإضافة في أول يونس في قوله : (قَدَمَ صِدْقٍ) [يونس : ٢] تبرأ إبراهيم من أبيه ابتغاء مرضاة الله فسماه الله أبا بالمؤمنين (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) [الحج : ٧٨] ، وتل ولده للجبين ففداه الله بذبح عظيم ، وأسلم نفسه لرب العالمين فجعل النار عليه بردا وسلاما ، وأشفق على هذه الأمة فقال وابعث فيهم رسولا ، فأشركه الله في الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم في الصلوات الخمس ، ووفى في حق سارة كما قال تعالى : (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) [النجم : ٣٧] فجعل موطىء قدمه مباركا (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) [البقرة : ١٢٥] وعادى كل الخلق في الله حين قال (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) [الشعراء : ٧٧] فلا جرم اتخذه الله خليلا. ثم قفى قصة إبراهيم بقصة موسى عليهالسلام لأنه تلوه في الشرف. والمخلص بكسر اللام الذي أخلص العبادة عن الشرك والرياء وأخلص وجهه لله ، وبالفتح الذي أخلصه الله و (كانَ رَسُولاً نَبِيًّا) الرسول الذي معه كتاب من الأنبياء والنبي الذي ينبىء عن الله عزوجل وإن لم يكن معه كتاب ، وكان المناسب ذكر الأعم قبل الأخص إلا أن رعاية الفاصلة اقتضت عكس ذلك كقوله في طه (بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) [طه : ٧] (الْأَيْمَنِ) من اليمين أي من ناحية اليمنى من موسى أو هو من اليمن صفة للطور أو للجانب (وَقَرَّبْناهُ) حال كونه (نَجِيًّا) أي مناجيا شبه تكليمه إياه من غير واسطة ملك بتقريب بعض الملوك واحدا من ندمائه للمناجاة والمسارة. وعن أبي العالية أن التقريب حسي ، قربه حتى سمع صريف القلم الذي كتبت به التوراة والأول أظهر ، ومنه قولهم للعبادة «تقرب» وللملائكة «أنهم مقربون». (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا) أي من أجلها أي بعض رحمتنا فيكون (أَخاهُ) بدلا و (هارُونَ) عطف بيان كقولك «رأيت رجلا أخاك زيدا». و (نَبِيًّا) حال من هارون. قال ابن عباس : كان هارون أكبر من موسى فتنصرف الهبة إلى معاضدته وموازرته. وذلك بدعاء موسى في قوله : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) [طه : ٢٩] وخص إسماعيل بن إبراهيم بصدق الوعد وإن كان الأنبياء كلهم صادقين فيما بينهم وبين الله أو الناس ، لأنه المشهور المتواصف من خصاله من ذلك : أنه وعد نفسه الصبر على الذبح فوفى به. وعن ابن عباس أنه وعد صاحبا له أن ينتظره في مكان فانتظره سنة. عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه واعد رجلا ونسي ذلك الرجل فانتظره من الضحى إلى قريب من غروب الشمس. وسئل الشعبي عن الرجل يعد ميعاده إلى أي وقت ينتظره؟ فقال : إذا واعدته في وقت الصلاة فانتظره إلى وقت صلاة أخرى. وكان يبدأ بأهله في الأمر بالصلاح والعبادة ليجعلهم قدوة لغيرهم ولأن الابتداء بالإحسان الديني والدنيوي بمن هو أقرب أولى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) [التحريم : ٦] «بدأ بمن تعول» ويحسن