ناحيتين جناحان ومنه جناحا العسكر وجناحا الإنسان لجنبهما. والأصل المستعار منه جناحا الطائر سميا جناحين لأنه يجنحهما عند الطيران أي يميلهما. فقيل : المراد بالآية تحت العضد بدليل قوله (تَخْرُجْ) وعن ابن عباس : معناه إلى صدرك. وضعف بأنه لا يطابقه قوله (تَخْرُجْ) قلت : لا شك أن الصدر مستور بالقميص فيظهر عند ذلك معنى الخروج ويفسره قوله في موضع آخر (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) [النمل : ١٢] والسوء الرداءة والقبح في كل شيء فكنى به عن البرص كما كنى عن العورة بالسوءة. والبرص أبغض شيء عند العرب بحيث تمجه أسماعهم فكان جدير بأن يكنى عنه. ومعنى (بَيْضاءَ) أنها تنور كشعاع الشمس. قال في الكشاف : من غير سوء من صلة البيضاء كما تقول : ابيضت من غير سوء. قلت : لعله أراد أن «من» للتعليل أي ليس البياض هو السوء وإنما السبب غيره وحقيقته ترجع إلى الابتداء. و (بَيْضاءَ) و (آيَةً) حالان معا أو متداخلتان. واحتمل أن ينتصب اية بمضمر يدل عليه الكلام نحو «خذ ودونك». وقوله (لِنُرِيَكَ) إما أن يتعلق بهذا المحذوف أو بمحذوف آخر أي لنريك (مِنْ آياتِنَا) فلعنا ما فعلنا. ولا يبعد عندي أن يتعلق بالأمرين المذكورين أي (أَلْقِها) و (اضْمُمْ) لنريك قال الحسن : اليد في الإعجاز أعظم من العصا لأنه تعالى وصفها بالكبرى. وضعف بأنه ليس في اليد إلا تغير اللون وأما في العصا ففيه تغير اللون والزيادة في الحجم وخلق الحياة والقدرة على الأمور الخارقة ، فالمراد لنريك بهاتين الآيتين بعض آياتنا الكبرى. وجوز في الكشاف أن يكون المراد لنريك بهما الكبرى من آياتنا. ويرد عليه لزوم أن تكون الآيات الكبرى منحصرة فيهما وليس كذلك فإن معجزات نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم أكبر من الكل ، وكفاك بالقرآن شاهدا على ذلك. ثم صرح بالمقصود من المعجزات فقال (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ) وخصه بالذكر لأن قومه تبع له. ثم بين العلة في ذلك فقال (إِنَّهُ طَغى) وعن وهب أن الله تعالى قال لموسى : استمع كلامي واحفظ وصيتي برسالتي فإنك بعيني وبسمعي وإن معك يدي وبصري وإني ألبستك جنة من سلطاني لتستكمل بها القوة في أمري ، بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر نعمتي وأمن مكري وغرته الدنيا حتى جحد حقي وأنكر تقديسي ، وإني أقسم بعزتي لو لا الحجة والعذر الذي وضعت بيني وبين خلقي لبطشت به بطشة جبار شديدة ، ولكن هان عليّ وسقط من عيني فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وحذره نقمتي وقل له قولا لينا لا يغتر بلباس الدنيا ، وإن ناصيته بيدي لا يطرف ولا يتنفس إلا بعلمي في كلام طويل. قال : فسكت موسى سبعة أيام ثم جاءه ملك فقال له : أجب ربك فيما أمرك فعنده (قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) قال علماء المعاني : أنهم أولا بقوله (رَبِّ اشْرَحْ لِي وَيَسِّرْ لِي) فعلم أن ثمة مشروحا وميسرا. ثم بين فرفع