وعن الحسن كان له سبع عشر سنة (لَتُنَبِّئَنَّهُمْ) لتحدثن إخوتك بما فعلوا بك (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) أنك يوسف لعلو شأنك وبعد حالك عن أوهامهم ولطول العهد المنسي المغير للهيئات والأشكال. يروى أنهم حين دخلوا عليه ممتارين فعرفهم وهم له منكرون دعا بالصواع فوضعه على يده ثم نقره فطن فقال : إنه ليخبرني هذا الجام أنه كان لكم أخ من أبيكم ويقال له يوسف وكان يدنيه دونكم وإنكم انطلقتم به وألقيتموه في غيابة الجب وقلتم لأبيه أكله الذئب وبعتموه بثمن بخس. ويجوز أن يراد وهم لا يشعرون أنا آنسناه بالوحى وأزلنا الوحشة عن قلبه فتتعلق الجملة بقوله (وَأَوْحَيْنا) روي أن امرأة حاكمت إلى شريح فبكت فقال له الشعبي : يا أبا أمية أما تراها تبكي؟ قال : قد جاء إخوة يوسف يبكون وهم ظلمة وما ينبغي لأحد أن يقضي إلا بما أمر أن يقضي به من السنة المرضية. عن مقاتل : إنما جاءوا عشاء لئلا تظهر أمارة الخجل والكذب على وجوههم. ولما سمع صوتهم يعقوب فزع وقال : ما لكم يا بني هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا لا. قال : فما لكم وأين يوسف (قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ) أي نتسابق في العدو أو في الرمي وقيل ننتضل (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) أي بمصدق لشدة محبتك ليوسف ، وفيه دليل لمن يزعم أن الإيمان هو التصديق (وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) ولو كنا عندك من أهل الصدق والثقة فكيف وأنت سيء الظن بنا غير واثق بقولنا (وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ) نصب على الظرف أي فوق قميصه لا على الحال المتقدمة لأن حال المجرور لا تتقدم عليه (بِدَمٍ كَذِبٍ) ذي كذب أو دم هو الكذب بعينه مبالغة. يروى أنهم ذبحوا سخلة ولطخوه بدمها ، ويروى أن يعقوب لما سمع بخبر يوسف صاح بأعلى صوته وقال : أين القميص؟ فأخذه وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص. وقال : تالله ما رأيت كاليوم ذئبا أحلم من هذا أكل ابني ولم يمزق عليه قميصه. وقيل : كان في قميص يوسف ثلاث آيات آية ليعقوب على كذبهم ، وآية حين ألقاه البشير على وجهه فارتد بصيرا ، وآية على براءة يوسف حين قدّ من دبر. ولما تبين يعقوب بالآيات المذكورة أو بالوحي أنهم كاذبون قال على سبيل الإضراب (بَلْ سَوَّلَتْ) قال ابن عباس بل زينت (لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) في شأنه وهو تفعيل من السول الأمنية. قال الأزهري : وأصله مهموز غير أن العرب استثقلوا فيه الهمزة. وقال في الكشاف : سوّلت سهلت من السول بفتحتين وهو الاسترخاء والتنكير دليل التعظيم (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) لا بد من تقدير مبتدأ أو خبر أي فأمري صبر جميل أو فصبر جميل أمثل. وفي الحديث أنه الذي لا شكوى فيه أي إلى الخلق لقوله : (إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ) [يوسف : ٨٦] وقيل : أي لا أعايشكم على كآبة الوجه بل أكون لكم كما كنت. يحكى أنه