عن ذلك إلى بيان السبب الذي حملهم عليه وهو أنهم لا يعرفون الفرح إلا في أن يهدي إليهم حظ من الدنيا ، فعلى هذا تكون الهدية مضافة إلى المهدي إليه. والمعنى (بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ) هذه التي أهديتموها (تَفْرَحُونَ) فرح افتخار على الملوك. ويحتمل أن يكون الكلام عبارة عن الرد كأنه قال : بل أنتم من حقكم أن تأخذوا هديتكم وتفرحوا بها ثم قال للرسول أو للهدهد معه كتاب آخر (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) ومعنى (لا قِبَلَ) لا طاقة ولا مقابلة. والذل أن يذهب عنهم ما كانوا فيه من العز والملك ، والصغار أن يقعوا مع ذلك في أسر واستعباد يروى أنه لما رجعت إليها الرسل عرفت أن سليمان نبي وليس لهم به طاقة ، فشخصت إليه في أثني عشر ألف قيل. مع كل قيل ألوف. وأمرت عند خروجها أن يجعل عرشها في آخر سبعة أبيات في آخر قصر من قصور سبعة ، وغلقت الأبواب ووكلت به حرسا فلعل سليمن أوحي إليه ذلك فأراد أن يريها بعض ما خصه الله به من المعجزات فلذلك (قالَ يا أَيُّهَا الْمَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها) وعن قتادة : أراد أن يأخذه قبل أن تسلم لعلمه أنها إذا أسلمت لم يحل له أخذ مالها. وقيل : أراد بذلك اختبار عقلها كما يجيء. وقيل : أراد أن يعرف تجملها ومقدار مملكتها قبل وصولها إليه. والعفريت من الرجال الخبيث المنكر الذي يعفر أقرانه ، ومن الشياطين الخبيث المارد ، ووزنه «فعليت». قالوا : كان اسمه ذكوان. و (آتِيكَ بِهِ) في الموضعين يجوز أن يكون فعلا مضارعا وأن يكون اسم فاعل. ومعنى. (أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) إما على ظاهره وهو أن يقوم فيقعد ، وإما أن يكون المقام هو المجلس ولا بد فيه من عادة معلومة حتى يصح أن يؤقت به. وعلى هذا فقيل : المراد مجلس الحكم. وقيل : مقدار فراغه من الخطبة. وقيل : إلى انتصاف النهار. (وَإِنِّي عَلَيْهِ) أي على حمله (لَقَوِيٌّ أَمِينٌ) آتي به على حاله لا أتصرف فيه بشيء. واختلفوا في الذي عنده علم من الكتاب فقيل : هو الخضر عليهالسلام. وقيل : جبرائيل. وقيل : ملك أيد الله به سليمان. وقيل : آصف بن برخيا وزيره أو كاتبه. وقيل : هو سليمان نفسه استبطأ العفريت فقال له : أنا أريك ما هو أسرع مما تقول. وقد يرجح هذا القول بوجوه منها : أن الشخص المشار إليه بالذي يجب أن يكون معلوما للمخاطب وليس سوى سليمان ، ولو سلم أن آصف أيضا كان كذلك فسليمان أولى بإحضار العرش في تلك اللمحة والإلزام تفضيل آصف عليه من هذا الوجه. ومنها قول سليمان. (هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي) ويمكن أن يقال : الضمير راجع إلى استقرار العرش عنده ، ولو سلم رجوعه إلى الإتيان بالعرش فلا يخفى أن كمال حال التابع والخادم من جملة كمالات المتبوع والمخدوم ، ولا يلزم من أن يأمر الإنسان غيره بشيء أن يكون الآمر عاجزا عن الإتيان بذلك الشيء. واختلفوا أيضا في الكتاب فقيل : هو