«أدبس في الإناء أم عسل؟» و «أفي الخابية دبسك أم في الزّقّ» ولهذا لم يقبح «أزيد قائم؟» و «أعمرا عرفت؟».
والمسؤول عنه بها هو ما يليها ؛ فتقول : «أضربت زيدا؟» إذا كان الشّكّ في الفعل نفسه ، وأردت بالاستفهام أن تعلم وجوده ، وتقول : «أأنت ضربت زيدا؟» إذا كان الشكّ في الفاعل : من هو؟ وتقول : «أزيدا ضربت؟» إذا كان الشكّ في المفعول : من هو؟.
و «هل» لطلب التصديق فحسب ، كقولك : «هل قام زيد؟» و «هل عمرو قاعد؟» وهذا امتنع : «هل زيد قام أم عمرو؟» وقبح : «هل زيدا ضربت؟» لما سبق أنّ التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل ، والشكّ فيما قدّم عليه ، ولم يقبح : «هل زيدا ضربته؟» لجواز تقدير المحذوف المفسّر مقدّما كما مرّ.
وجعل السكاكيّ قبح نحو «هل رجل عرف؟» لذلك ، أي لما قبح له «هل زيدا ضربت؟» ويلزمه أن لا يقبح نحو «هل زيد عرف؟» لامتناع تقدير التقديم والتأخير فيه عنده على ما سبق.
وعلّل غيره القبح فيهما بأن أصل «هل» أن تكون بمعنى «قد» إلّا أنهم تركوا الهمزة قبلها لكثرة وقوعها في الاستفهام.
و «هل» تخصّص المضارع بالاستقبال ، فلا يصح أن يقال : «هل تضرب زيدا وهو أخوك» كما تقول : «أتضرب زيدا وهو أخوك؟» ولهذين ـ أعني اختصاصها بالتصديق ، وتخصيصها المضارع بالاستقبال ـ كان لها مزيد اختصاص بما كونه زمانيّا أظهر ، كالفعل.
أما الثاني فظاهر ، وأما الأول فلأن الفعل لا يكون إلا صفة والتصديق حكم بالثبوت أو الانتفاء ، والنفي والإثبات إنما يتوجّهان إلى الصفات لا الذوات ؛ ولهذا كان قوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ) [الأنبياء : الآية ٨٠] أدلّ على طلب الشكر من قولنا : «فهل تشكرون؟» وقولنا : «فهل أنتم تشكرون» لأن إبراز ما سيتجدد في معرض الثابت أدلّ على كمال العناية بحصوله من إبقائه على أصله ، وكذا من قولنا : «أفأنتم شاكرون؟» وإن كان صيغته للثبوت ، لأن «هل» أدعى للفعل من الهمزة ، فتركه معه أدلّ على كمال العناية بحصوله ، ولهذا لا يحسن «هل زيد منطلق؟» إلا من البليغ.
وهي قسمان : بسيطة ، وهي التي يطلب بها وجود الشيء ، كقولنا : «هل الحركة موجودة؟» ومركّبة وهي التي يطلب بها وجود شيء لشيء ، كقولنا : «هل الحركة دائمة؟».
والألفاظ الباقية لطلب التصور فقط ...