وكذا قول الآخر : [الأخطل]
سأمنعها ، أو سوف أجعل أمرها |
|
إلى ملك أظلافه لم تشقّق (١) |
الاستعارة
الضرب الثاني من المجاز : الاستعارة ، وهي ما كانت علاقته تشبيه معناه بما وضع له.
وقد تقيّد بالتحقيقية ، لتحقق معناها حسّا أو عقلا ، أي : التي تتناول أمرا معلوما يمكن أن ينصّ عليه ويسار إليه إشارة حسّيّة أو عقلية ، فيقال : إن اللفظ نقل من مسمّاه الأصلي ، فجعل اسما له على سبيل الإعارة للمبالغة في التشبيه. أما الحسيّ فكقولك : «رأيت أسدا» وأنت تريد رجلا شجاعا ، وعليه قول زهير :
لدى أسد شاكي السّلاح مقذّف (٢)
أي : لدى رجل شجاع ، ومن لطيف هذا الضرب : ما يقع التشبيه فيه في الحركات ، كقول أبي دلامة يصف بغلته : [زند بن الجوان]
أرى الشّهباء تعجن إذ غدونا |
|
برجليها ، وتخبز باليدين (٣) |
شبّه حركة رجليها ـ حيث لم تثبتا على موضع تعتمد بهما عليه وهوتا ذاهبتين نحو يديها ـ بحركة يدي العاجن ؛ فإنهما لا تثبتان في موضع ، بل تزلّان إلى قدّام ؛ لرخاوة العجين ، وشبّه حركة يديها بحركة يدي الخابز ؛ فإنه يثني يده نحو بطنه ، ويحدث فيها ضربا من التقويس ، كما تجد في يد الدّابّة إذا اضطربت في سيرها ، ولم تقو على ضبط يديها ، وأن ترمي بها إلى قدّام ، وأن تشدّ اعتمادها حتى تثبت في الموضع الذي تقع عليه ، فلا تزول عنه ولا تنثني.
وأما العقلي فكقولك : «أبديت نورا» وأنت تريد «حجّة» فإن الحجة مما يدرك بالعقل من غير وساطة حسّ ؛ إذ المفهوم من الألفاظ هو الذي ينوّر القلب ويكشف عن الحق ، لا الألفاظ أنفسها.
__________________
(١) البيت من الطويل ، وهو لعقفان بن قيس بن عاصم في لسان العرب (ظلف) ، وسمط اللآلي ص ٧٤٦ ، وتاج العروس (ظلف) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص ١٣١٢ ، وأمالي القالي ٢ / ١٢٠.
(٢) عجز البيت :
له لبد أظفاره لم تقلّم
والبيت من الطويل ، وهو في ديوان زهير بن أبي سلمى ص ٢٤ ، ولسان العرب (قذف) ، (مكن) ، وتهذيب اللغة ٩ / ٧٦ ، وجمهرة اللغة ص ٩٧٤ ، وتاج العروس (قذف).
(٣) البيت لأبي دلامة (زند بن الجون) في الأغاني ٩ / ١١٥.