ومنها : تسمية الشيء باسم آلته ، كقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) [إبراهيم : الآية ٤] أي بلغة قومه.
وقوله تعالى : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) (٨٤) [الشّعراء : الآية ٨٤] أي ذكرا جميلا وثناء حسنا.
وكذا غير ذلك مما بين معنى اللفظ وما هو موضوع تعلّق سوى التشبيه.
قال صاحب المفتاح : وللتعلق بين الصارف عن فعل الشيء والداعي إلى تركه ؛ يحتمل عندي أن يكون المراد بـ «منعك» في قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) [الأعراف : الآية ١٢] «دعاك» و «لا» غير صلة قرينة المجاز ، وكذا : (ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ) [طه : الآيتان ٩٢ ، ٩٣].
قال الراغب (١) رحمه الله : قال بعض المفسرين : إن معنى «ما منعك» ما حماك ، وجعلك في منعة منّي في ترك السجود؟ أي : في معاقبة تركه.
وقد استبعد ذلك بعضهم بأن قال : لو كان كذا لم يكن يجيب بأن يقول : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) [ص : الآية ٧٦] فإن ذلك ليس بجواب السؤال على ذلك الوجه ، وإنما هو جواب من قيل له : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ)
ويمكن أن يقال في جواب ذلك : إن إبليس لما كان ألزم ما لم يجد سبيلا إلى الجواب عنه ؛ إذ لم يكن من كالىء يحرسه ويحميه ؛ عدل عمّا كان جوابا كما يفعل المأخوذ بكظمه في المناظرة ؛ انتهى كلامه. وقسم الشيخ صاحب المفتاح المجاز المرسل إلى خال عن الفائدة ، ومفيد.
وجعل الخالي عن الفائدة ما استعمل في أعم مما هو موضوع له ، كالمرسن في قول العجّاج :
وفاحما ومرسنا مسرّجا (٢)
__________________
(١) الراغب الأصبهاني : هو الحسين بن محمد بن مفضل الإمام أبو القاسم المعروف بالراغب الأصبهاني نزيل بغداد. توفي سنة ٥٠٠ ه ، له من الكتب : أخلاق الراغب ، أفانين البلاغة ، تحقيق البيان في تأويل القرآن ، تفسير القرآن ، تفصيل النشأتين وتحصيل السعادتين ، درة التأويل في متشابه التنزيل ، الذريعة إلى مكارم الشريعة ، رسالة في فوائد القرآن ، محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء ، المعاني الأكبر ، مفردات ألفاظ القرآن. (كشف الظنون ٥ / ٣١١).
(٢) قبله :
وجبهة وحاجبا مزجّجا
والرجز للعجاج في ديوانه ٢ / ٣٤ ، ولسان العرب (سرج) ، (رسن) ، وتاج العروس (سرج) ، (رسن) ، وجمهرة اللغة ص ٤٥٨ ، ٧٢٢ ، ومجمل اللغة ٣ / ١٣٨ ، وأساس البلاغة (رسن) ، ـ ـ