.................................................................................................
__________________
فما كان في عفاء (١١٤) من الأرض ، فإنه اقطعهم إياه ، وما كان من الخطط المسكونة العامرة فإن الأنصار وهبوه له ، فكان يقطع من ذلك ما شاء ، وكان أول من وهب له خططه ومنازله حارثة بن النعمان فوهب له ذلك وأقطعه ، وأما مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم فقال ابن عمر :
كان بناء المسجد على عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وسقفه جريد ، وعمده خشب النخل ، فلم يزد فيه أبو بكر شيئا ، فزاد فيه عمر وبناه على ما كان من بنائه ، ثم غيّره عثمان وبناه بالحجارة المنقوشة والقصّة (١١٥) ، وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه ساجا (١١٦) وزاد فيه ، وكان لما بناه رسول الله صلىاللهعليهوسلم جعل له بابين شارعين ، باب عائشة ، والباب الذي يقال له : باب عاتكة ، وبابا في مؤخر المسجد يقال له : باب مليكة ، وبنى بيوتا إلى جنبه باللبن وسقفها بجذوع النخل. وكان طول المسجد مما يلي القبلة إلى مؤخره مائة ذراع ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز زاد في القبلة من موضع المقصورة اليوم.
ولما ولي الوليد بن عبد الملك واستعمل عمر بن عبد العزيز على المدينة أمره بهدم المسجد وبنائه. وكتب الوليد بن عبد الملك إلى ملك الروم يطلب منه عمالا ، وأعلمه أنه يريد عمارة مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم. فبعث إليه أربعين رجلا من الروم وأربعين من القفط (١١٧) ، ووجه إليه أربعين ألف مثقال ذهبا
__________________
(١١٤) العفاء : التراب.
(١١٥) القصّة : في الأصل هكذا والصحيح : الفضة.
(١١٦) الساج : شجر عظيم صلب الخشب أسوده ، يعظم جدا ، ويذهب طولا وعرضا وله ورق كبير. الجمع : سيجان ، والواحدة : ساجة.
(١١٧) القفط : نسبة إلى مدينة التي تقع في محافظة قنا في مصر ، شرقي النيل.