.................................................................................................
__________________
والمرّ والكافور (٣٨) ليحفظها ، وإذا جلودهم لا صقة بعظامهم ، غير أني أمررت يدي على صدر أحدهم فوجدت خشونة شعره وقوّة ثيابه ، ثم أحضرنا المتوكّل بهم طعاما وسألنا أن نأكل منه ، فلما أخذناه منه ذقناه ، وقد أنكرت أنفسنا ، وتهوّعنا ، وكأنّ الخبيث أراد قتلنا أو قتل بعضنا ليصحّ له ما كان يموّه به عند الملك أنه فعل بنا هذا الفعل أصحاب الرّقيم.
فقلنا له : إنّا ظننا أنهم أحياء يشبهون الموتى وليس هؤلاء كذلك ، فتركناه وانصرفنا.
قال غيرهم : إن بالبلقاء (٣٩) بأرض العرب من نواحي دمشق موضعا يزعمون أنه الكهف والرقيم قرب عمّان.
وفي برّ الأندلس موضع يقال له جنان الورد (٤٠) به الكهف والرقيم ، وبه قوم لا يبلون كما ذكر أهلها.
وذكر علي بن يحيى (٤١) أنه لما قفل من غزاته دخل ذلك الموضع فرآهم
__________________
(٣٨) الكافور : شجر كبير من الفصيلة الغاريّة ، ينبت في الهند والصين ، تتخذ منه مادة عطرية بلورية الشكل يميل لونها إلى البياض تستعمل في الطب ، وهو أصناف كثيرة ، الجمع : كوافير.
(٣٩) البلقاء : كورة من أعمال دمشق ، بين الشام ووادي القرى ، قصبتها عمّان ، فيها قرى كثيرة مزارع واسعة. (مراصد الاطلاع : ١ / ٢١٩).
(٤٠) جنان الورد : بالأندلس ، من أعمال طليطلة.
(٤١) على بن يحيى : الأرمني ، أبو الحسن ، قائد من الأمراء في العصر العباسي ، أصله من الأرمن ، استعرب أبوه ، فنشأ في بيئة عربية ، ولي الثغور الشامية ثم أرمينية وأذربيجان ومصر ، وكان شديد الوطأة على الروم ، له فيها غزوات وفتوح ، وقتل في إحدى وقائعه معهم بالثغور الجزرية. (انظر : النجوم الزاهرة : ٢١ / ٢٤٥ و ٢٧٩ ، والأعلام : ٥ / ٣١).