.................................................................................................
__________________
فقالوا : أعطونا شيئا.
فوهبنا لهم دينارا. فدخلوا ودخلنا معهم في ذلك السرب ، وكان عليه باب حديد ، ففتحوه ، فانتهينا إلى بيت عظيم محفور في الجبل فيه ثلاثة عشر رجلا مضطجعين على ظهورهم كأنهم رقود ، وعلى كل واحد منهم جبّة غبراء وكساء أغبر قد غطوا بها رؤوسهم إلى أرجلهم. فلم ندر ما ثيابهم أمن صوف أو وبر أم غير ذلك ، إلا أنها كانت أصلب من الديباج (٤٥) ، وإذا هي تقعقع من الصفاقة (٤٦) والجودة ، ورأينا على أكثرهم خفافا إلى أنصاف سوقهم ، وبعضهم منتعلين بنعال مخصوفة (٤٧) ، ولخفافهم ونعالهم من جودة الخرز ولين الجلود ما لم ير مثله ، فكشفنا عن وجوههم رجلا بعد رجل ، فإذا بهم من ظهر الدم وصفاء الألوان كأفضل ما يكون للأحياء ، وإذا الشيب قد وخط بعضهم ، وبعضهم شبّان سود الشعور ، وبعضهم موفورة شعورهم ، وبعضهم مطمومة (٤٨) ، وهم على زيّ المسلمين. فانتهينا إلى آخرهم فإذا هو مضروب الوجه بالسيف ، وكأنه في ذلك اليوم ضرب.
فسألنا أولئك الذين أدخلونا إليهم عن حالهم ، فأخبرونا أنهم يدخلون إليهم في كل يوم عيد لهم يجتمع أهل تلك البلاد من سائر المدن والقرى إلى
__________________
(٤٥) الديباج : نسيج من الحرير ملوّن ألوانا ، الجمع : ديابيج. قال أبو منصور الأزهري : دينار وقيراط وديباج أصولها أعجمية غير أن العرب تكلمت بها قديما فصارت عربية (اللسان).
(٤٦) الصفاقة : صفق الثوب : كثف نسجه.
(٤٧) مخصوفة : خصف النعل : خرزها بالمخرز ، والخصاف : من يخصف النعال. والمخصف : المخرز ، الجمع : مخاصيف.
(٤٨) مطمومة : طم الشيء : كثر حتى عظم أو عمّ.