.................................................................................................
__________________
قال : أكنت أقدمتني ، كنت حدثتنا أن مصر أسرع الأرض خرابا ، ثم أراك قد اتخذت فيها الرّباع (٥٣) واطمأننت.
فقال : إن مصر قد وقع خرابها ، دخلها بختنصّر (٥٤) ، فلم يدع فيها حائطا قائما ، فهذا هو الخراب الذي كان يتوقع لها ، وهي اليوم أطيب الأرضين ترابا ، وأبعدها خرابا ، لن تزال فيها البركة ما دام في الأرض إنسان ، قوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌ)(٥٥) ، هي أرض مصر إن لم يصبها مطر زكت ، وإن أصابها أضعف زكاها.
وقالوا : مثلت الأرض على صورة طائر ، فالبصرة (٥٦) ومصر الجناحان ، فإذا خربتا خربت الدنيا.
وقرأت بخط أبي عبد الله المرزباني (٥٧) ، حدثني أبو حازم القاضي
__________________
(٥٣) الرباع : المفرد : الربع أي : الموضع ينزل فيه زمن الربيع والدّار والمنزل.
(٥٤) بختنصّر : أو نبوخذ نصّر : ملك بابل ٦٠٥ ـ ٥٦٢ ق. م ، ورد ذكره في الكتاب المقدس ـ احتل فلسطين وخرّب أورشليم ، وسبى اليهود سنة ٥٨٦ ق. م. (المنجد في الأعلام ٧٠٦).
(٥٥) سورة البقرة الآية ٢٦٥.
(٥٦) البصرة : مدينة ومرفأ في العراق على شطّ العرب قاعدة ومحافظة ومركز قضاء البصرة. تأسست في عهد عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه سنة ٦٣٨ م ، فأصبحت إحدى أهم المدن في العراق ، عندها جرت معركة الجمل سنة ٦٥٦ م ، ازدهرت في عهد العباسيين وأضحت مع الكوفة مهدا للدروس اللغوية ، أحرقها الزنج سنة ٨٧١ م ، ثم القرامطة سنة ٩٢٣ م ، بدأت بالانحطاط سنة ١٢٥٨ م ، واحتلها الأتراك سنة ١٦٦٨ ، ثم الإنكليز سنة ١٩١٤ م ، وهي مسقط رأس الحسن البصري والأشعري ، ولها ستة أقضية هي : البصرة ، والقرنة ، وشط العرب ، والزبير ، وأبو الخصيب ، والفاو. (المنجد في الأعلام : ١٣٤).
(٥٧) ابو عبد الله المرزباني : هو محمد بن عمران بن موسى ، إخباري ومؤرّخ وأديب ، أصله من