واثنان في الآخر في شرح المعاد ، وقوله : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ) (طه : ١٠٥) ، وقوله : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها) (الأعراف : ١٨٧).
٤ ـ / ٥٤ ونظير هذا أنه ورد في القرآن سورتان ، أولهما : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) (الحج : ١) ، في النصف الأول ، وهو السورة الرابعة ، وهي سورة النساء. والثانية في النصف الثاني ، وهي سورة الحج ، ثم (يا أَيُّهَا النَّاسُ) الّذي في الأول ، [يشتمل على شرح المبدإ ، والذي في الثاني] (١) يشتمل على شرح المعاد (٢).
فإن قيل : كيف جاء (يسألونك) ثلاث مرات (٣) [بغير واو : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ) (البقرة : ١٨٩) (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ) (البقرة : ٢١٧) ، (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ) (البقرة : ٢١٩) ثم جاء ثلاث] (٣) مرات بالواو : (وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ) (البقرة : ٢١٩) ، (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى) (البقرة : ٢٢٠) ، (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ)؟ (البقرة : ٢٢٢).
قلنا : لأنّ سؤالهم عن الحوادث ؛ [الأول وقع متفرقا عن الحوادث ، و] (٣) الآخر وقع في وقت واحد ، فجيء بحرف الجمع دلالة على ذلك.
فإن قيل : كيف جاء : (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) (البقرة : ١٨٦) ، وعادة السؤال يجيء جوابه في القرآن ب «قل» نحو : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ) [والحجّ] (٣) (البقرة : ١٨٩) ونظائره؟
قيل : حذفت للإشارة إلى أن العبد في حالة الدعاء مستغن عن الواسطة ، وهو دليل على أنّه أشرف المقامات ، فإن الله سبحانه لم يجعل بينه وبين الداعي واسطة ، وفي غير حالة الدعاء تجيء الواسطة.
الخطاب بالشّيء عن اعتقاد المخاطب دون ما في نفس الأمر
٤ ـ / ٥٥ كقوله سبحانه وتعالى : (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) (الأنعام : ٢٢) ، وقعت إضافة الشريك إلى الله [سبحانه] على ما كانوا يقولون ؛ لأن القديم سبحانه أثبته.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) عبارة المطبوعة (على شرح حال).
(٣) ليست في المخطوطة.