فى الناحية الشرقية من المسعى ، وبالقرب من نهايته عند المروة ، نجد أنه يتفرع منه شارع يسمونه السويقة ، أو إن شئت فقل : السوق الصغير ، التى تمتد محاذية للجانب الشرقى من المسجد الحرام. هذه السويقة ، على الرغم من ضيقها ، تعد أنظف شوارع مكة ، حيث يجرى تنظيفها بصورة منتظمة ورشها بالماء ، الأمر الذى لا يتاح فى الشوارع الأخرى. فى هذه السويقة يعرض تجار الهند الأثرياء بضاعتهم التى تباع بالقطعة ، كما يعرضون أيضا شيلان الكشمير ، والموسلين. يوجد فى السويقة حوالى عشرين دكانا ، تبيع العطور ، والزيوت الحلوة ، والبلسم المكى (مغشوش بطبيعة الحال) وبخور العود ، وطيب الزباد إلخ. قلة قليلة من الحجاج هم الذين يعودون إلى منازلهم دون أن يحملوا معهم هدايا لعائلاتهم وأصدقائهم ، هذه الهدايا عادة ما تكون خرزا ، أو عطورا ، أو بلسما مكيا ، أو طيب العود الذى يستخدم سائلا فى أنحاء الشرق ، على شكل قطع صغيرة توضع فوق التبغ المشتعل فى الشيشة ، لتنتج رائحة ذكية.
الدكاكين الأخرى تبيع عقود المرجان ، وحبات اللؤلؤ غير الحقيقية ، والمسابح التى تصنع من خشب العود أو الصندل ، أو من خشب الكالمباك ذكى الرائحة ، كما تبيع هذه الدكاكين أيضا العقود الجميلة المصنوعة من حبات العقيق الأحمر ، كما يستخدم العقيق أيضا فى صناعة الخواتم المنقوشة ، وأنواعا مختلفة أخرى من البضائع الصينية. هذه الدكاكين كلها مملوكة للهنود ، وبضاعة هذه المحلات كلها من الإنتاج الهندى ومن المصنوعات الهندية. هؤلاء الهنود يقع عليهم نوع من الظلم أو سوء المعاملة فى الجزيرة العربية ، جراء فكرة صغيرة مفادها أن هؤلاء الهنود هم من عبدة الأصنام ، علما بأن هؤلاء الهنود يلتزمون من حيث المظهر بطقوس الإسلام وتعاليمه : المفروض أن يكون هؤلاء الهنود من الطائفة (المذهب) الإسماعيلية ، هؤلاء الأتقياء الذين تحدثت عنهم فى رحلتى إلى لبنان (*) ، والذين يطلق اسمهم فى مكة على هؤلاء الهنود. هنا فى مكة
__________________
(*) راجع كتاب أسفار فى سوريا إلخ.