شارع القشاشية هذا ، على امتداده كله ، يطلق الناس عليه حارة سوق الليل ، التى تضم حيا متراميا فى الناحية الشرقية ، يجرى فيه الاحتفال بمولد النبى ، كما يجاور حى سوق الليل هذا المعاملة أو إن شئت فقل : مؤسسة الخزافين أو صناع الأوانى الفخارية. الشوارع الجانبية القريبة من شارع المولد يسميها الناس شعب المولد ، أو صخور المولد ، لأن الأرض المرتفعة هنا تغطيها الصخور.
تقع المعاملة على جانب جبل قبيص ، وهى تضم حوالى اثنى عشر فرنا ، إنتاجها الرئيسى كله عبارة عن جرار ، وبخاصة تلك الجرار التى تستخدم فى نقل ماء زمزم ، هذه الجرار الفخارية على الرغم من سحبها سحبا جيدا فإنها ثقيلة جدا ، ولذلك فهى من هذه الناحية أثقل من فخار الصعيد الجميل وكذلك فخار بغداد ، وهذان النوعان من الفخار يبلغان من الخفة حدا يمكن معه لأية نسمة من نسمات الهواء الخفيفة أن تلقى الجرة أرضا. المعاملة وحدها هى التى تمد الحجاز كله فى الوقت الراهن بكل أوانى الماء هذه ، يضاف إلى ذلك أن قلة قليلة من الحجاج هم الذين يعودون إلى أوطانهم وليس معهم جرار مليئة بماء زمزم ، وكعينة من عينات العبقرية المكية.
هناك منطقة بعيدة عن سوق الليل يسمونها الغزة ، وهذا الاسم يطلق على جانبى الشارع الرئيسى ، الذى يشكل فى هذه المنطقة استمرارا للقشاشية. هذا الشارع فيه آبار متعددة مالحة الماء ، فى هذا الشارع توجد أيضا دكاكين النجارين ، والمنجدين الذين يجيئون من تركيا ، وكذلك الحانوتية أو مجهزى دفن الموتى ، الذين يصنعون السرر والطاولات التى ينام عليها المكيون ، وكذلك النقوش التى يحملون فيها إلى القبور ، ونجد فى هذا المكان أيضا تجار الجملة فى الفاكهة والخضراوات التى تجلب من الطائف ومن وادى فاطمة. هؤلاء التجار يعرضون بضاعتهم هنا أمام تجار التجزئة فى ساعة مبكرة من ساعات الصباح ، فى الطرف الشمالى من شارع الغزة حيث يتسع الشارع اتساعا كبيرا ، ينعقد كل يوم سوق الإبل والأبقار ، وعلى الجانب الشرقى فى اتجاه الجبل ، وفوق منحناه إلى حد ما ، نجد الشارع الذى يسمونه