فى المدعة نجد سدا عاليا وعريضا جرى بناؤه عبر الوادى ، وله بوابة من الحديد ، ويقال إن الذى بنى هذا السد هو (سيدنا) عمر بن الخطاب لمقاومة السيول التى تناسب من هذا الاتجاه صوب المسجد الحرام أثناء سقوط الأمطار الغزيرة. وقد بقيت بعض أنقاض هذا السد إلى القرن الرابع عشر. الحجاج عندما يصلون إلى مكة يتمتعون بمنظر الكعبة من فوق قمة ذلك السد ، كان الحجاج يدعون من فوق قمة ذلك السد بدعاء معين ، ومن هذا العمل أخذ الشارع اسمه ، ذلك أن الاسم «مدعة» معناه «مكان الدعاء».
فيما بين مدعة ومعالة ، من جانب ، والغزة والقشاشية من جانب آخر توجد أحياء أو شوارع متعددة تضم بنايات سيئة ، ولكن الشوارع شديدة الضيق وشديدة القذارة فى هذه المنطقة ، التى لا يجرى إزالة النفايات منها مطلقا ، ولا يدخلها الهواء الطلق أبدا. هنا وجدنا الزقاق الصينى ، أو إن شئت فقل : «الشارع الصينى» ، الذى يفتح فيه صناع الذهب والفضة دكاكينهم. أعمالهم شديدة البدائية وخالية من الذوق ، لكن منتجاتهم تستخدم على نطاق كبير ، وبخاصة فى عمل الخواتم الفضية التى يلبسها الرجال والنساء ، وتلك زينات يشيع استعمالها بين العرب. إلى اليمين من هذا الحى يوجد ما يسمى بزقاق الحجر (ويسمونه أيضا زقاق المرفق) ، أو إن شئت فقل : «شارع الحجر» ، وهو يضم مسقط رأس (ستنا) فاطمة ـ رضى الله عنها ـ ابنة (نبينا) محمد صلىاللهعليهوسلم ، ومسقط رأس أبى بكر رضى الله عنه أحد الخلفاء. هذا الشارع يشتق اسمه من كلمة «حجر» الذى اعتاد أن يحييه محمد صلىاللهعليهوسلم بتحية الإسلام «السلام عليك» عند ما كان يمر صلىاللهعليهوسلم من هذا المكان عائدا من الكعبة. هذا الحجر ظل صامتا منذ أيام النبى صلىاللهعليهوسلم ، لكنه مازال موجودا إلى يومنا هذا ، وهو يبرز قليلا من جدار المنزل ، الذى جرى طلاؤه باللون الأبيض من باب التكريم.
نتحول الآن ناحية المعالة ، وعلى بعد مسافة قليلة ، عند نقطة التقاء المعالة بالغزة.
هنا تنتهى الدكاكين ويبدأ سهل واسع رملى ، لا يوجد فيه سوى بعض المقاهى المتباعدة عن بعضها البعض يمكن القول إن هذه هى نهاية المدينة. أما ذلك الذى يقع على بعد