يكشف تاريخ قطب الدين أن السلطان سليمان أنشأ فى العام ٩٨٠ الهجرى مسجدا فى هذا الحى ، والمفترض أن يأخذ المسجد اسمه من اسم منشئه أو مؤسسه. سكان السليمانية مسلمون من أتباع المذهب الحنفى أول المذاهب الأربعة ، وليسوا أتباعا لعلى رضى الله عنه مثل الفرس ، الذين يأتى الكثيرون منهم لأداء فريضة الحج فى مكة ، إما عن طريق البحر قادمين من بومباى أو باسورة ، أو عن طريق البر متنقلين على شكل دراويش ، على طول المقاطعات الفارسية الجنوبية قاصدين بغداد ، ثم يعبرون كلا من بلاد الرافدين وسوريا وصولا إلى مصر. وأنا شاهدت ورأيت الكثيرين الذين جاءوا من هذا الطريق ، وقد رأيت فيهم أناسا ذوى شخصيات قوية مفعمة بالحيوية عن بقية الهنود.
مقابل حى السليمانية وعلى الجبل الشرقى ، وبجوار كل من الغزة وشعب على ، يوجد حى شبه مهدم ، يسمونه شعب عامر ، يسكنه الباعة الجائلون من البدو من كل من ثقيف وقريش ، كما تسكنه أيضا بعض الأسر الشريفية الفقيرة. توجد فى هذا الحى أو الشارع مجموعة من الطواحين التى تعمل باستعمال الخيول ، لحساب الوالى التركى. المدينة ، على حد تقديرى ، ليس فيها طواحين أخرى أكبر من هذه الطواحين. جرت العادة أن يستعمل الناس فيها الطواحين (الرحى) اليدوية ، التى عادة ما يقوم بتشغيلها عبيد الأسرة ، أو قد تقوم النساء فى الأسر الفقيرة بتشغيلها هنا أيضا ، وليس فى أى مكان آخر من مكة. توجد الأماكن التى تجرى فيها صناعة الأقمشة الكتانية والقطنية المصبوغة باللون الأزرق واللون الأصفر ، أما الأقمشة الصوفية فلا تجرى صباغتها فى هذا المكان.
ولما كانت أعداد من النساء الشعبيات يسكن هنا فى شعب عامر ، فإن هذا الحى لا يندرج ضمن الأحياء المحترمة فى مكة. فرض الشريف غالب ضريبة منتظمة على تلك النساء ، كما طالب كل واحدة منهن بدفع مبالغ إضافية ، لأنهن فى موسم الحج كن يتبعن الحجاج إلى جبل عرفات. هناك ضريبة مماثلة مفروضة فى القاهرة ، بل وعلى المدن والبلدان الإقليمية كلها فى مصر. ومكة تعج براغبى الانقياد نحو الجنس ، والمعروف أن ذلك يتزايد فى موسم الحج عن طريق المغامرات اللاتى يأتين من بلاد