فقل : رءوس الأعمدة كلها من الطراز الإسلامى الجاف ، بعض هذه الأعمدة التى خدمت واستعملت فى مبانى سابقة ، تسبب جهل العمال فى تركيب هذه الأعمدة مقلوبة رأسا على عقب. لاحظت حوالى سته قواعد رخامية جرى تركيبها بمصنعية يونانية جيدة. قلة قليلة من الأعمدة هى المزينة بنقوش عربية أو كوفية ، قرأت بها التاريخ الموافق للعام ٨٦٣ الهجرى ، والعام ٧٦٢ الهجرى أيضا. وهذا عمود على الجانب الشرقى يحمل نصا كوفيا قديما ، غير واضح إلى حد ما ، ولم أستطع قراءة هذا النص أو تدوينه. الأعمدة المصنوعة من الأحجار المكية الشائعة ، التى جرى قطعها بصفة أساسية من جانب الجبل القريب من حى الشبيكة ، مكونة من ثلاث قطع ، لكن الأعمدة الرخامية مكونة من قطعة واحدة. بعض الأعمدة جرت تقويتها بحلقات حديدية ، أو أحزمة حديدية ، كما هو الحال فى المبانى الإسلامية الأخرى فى سائر أنحاء الشرق. هذه الحلقات أو الأحزمة الحديدية استعملت هنا لأول مرة بواسطة الظاهر برقوق ملك مصر ، عندما أعاد بناء المسجد الحرام ، بعد أن دمره الحريق الذى شب فى العام ٨٠٢ الهجرى.
دمر المسجد الحرام فى أحيان كثيرة وجرى إصلاحه وترميمه إلى حد أنه لا يمكن الوقوف حاليا على البقايا الوترية القديمة فيه. على الجانب الداخلى من السور الكبير الذى يحيط ببهو الأعمدة يوجد نقش عربى واحد ، مدون بحروف كبيرة ، كله لا يحتوى سوى على اسم محمد صلىاللهعليهوسلم وصحابته : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلى ، واسم الجلالة المدون بأحرف كبيرة ، مكتوب فى أماكن عدة. على الجانب الخارجى ، وفوق البوابات ، التى تحدث عنها باستفاضة وبالتفصيل كل مؤرخى مكة. النقش الموجود على الجانب الأيمن ، فوق باب إبراهيم ، شديد الوضوح ، هذا الجانب كله أعاد بناءه السلطان الغورى ، سلطان مصر فى العام ٩٠٦ الهجرى. فوق باب على وباب عباس يوجد نقش طويل ، مكتوب أيضا بالخط الثلث ، وقد وضعه السلطان مراد بن سليمان فى العام ٩٨٤ الهجرى بعد أن أعاد ترميم المبنى كله. وقد أورد قطب الدين هذا النقش بكامله ، هذا النقش يشغل صفحات عدة من تاريخ قطب الدين ، وهو يعد أثرا من الآثار