فى وجبة العشاء (*). لقد وجدت فى كل جزء من أجزاء الحجاز أن البدو عندما ينتقلون لا يحملون معهم من المؤن سوى الأرز والعدس ، بسبب استعمال الجيش التركى للبسكويت بكميات كبيرة. أهل الجزيرة العربية لا يحبون البسكويت ويندر أن يأكلوه حتى ولو كانوا على ظهور المراكب التى يخبزون فى أفرانها خبزتهم غير المخمورة كل صباح ، ومعروف أن هذه الأفران موجودة على ظهور مختلف السفن العاملة فى البحر الأحمر.
تجار القمح يبيعون الملح أيضا ، ويجرى جمع ملح البحر بالقرب من جدة ، وهذا عبارة عن احتكار مقصور على شريف مكة وحده. سكان مكة يفضلون ملح الصخور ، الذى يجرى جلبه إلى مكة بواسطة البدو الذين يجلبون ذلك الملح من بعض الجبال الغربية من الطائف.
واحد وثلاثون دكانا تبيع التبغ ، يجرى فى هذه المحلات بيع التبغ المصرى والتبغ السورى والتمباك وإن شئت فقل التوباكو الذى يستخدم فى الغلايين الفارسية ، كما تباع فى هذه المحلات أيضا رءوس الشياش وخراطيم الشياش وحبات جوز الهند والبن وقشر البن والصابون واللوز وزبيب الحجاز وبعض سلع البقالة الأخرى. التبغ المصرى يجرى خلطه فى بعض الأحيان بالتبغ السنارى ، ليصنع منه صنف رخيص الثمن وعليه طلب كبير فى سائر أنحاء الحجاز. هناك نوعان من ذلك التبغ المصرى ، أحدهما تكون أوراقه خضراء اللون حتى بعد أن تجف ، وهذا هو ما يسميه الناس هنا الربّة ، وهو يأتى من الوجه القبلى فى مصر. النوع الثانى أوراقه بنية اللون ، وأفضل أنواعه تلك التى حول بلدة طهطا ، التى تقع جنوب مدينة أسيوط. أثناء الحكم الوهابى لم يكن التبغ يباع بصورة علنية ، نظرا لأن بدو الحجاز متيمون بالتبغ ، كان الناس يبيعونه فى الخفاء فى دكاكينهم ، لا تحت اسم تبغ أو دخان
__________________
(*) هذا الطبق معروف فى سوريا أيضا ، وهم يسمونه هناك مجدرة ، وسبب ذلك أن العدس يبدو من بين الأرز وكأنه علامات الجدرى التى تظهر على وجه من يصاب بهذا المرض.