ويقول للمالكية : أنتم تقولون الكلب حيوان ذو صوف ، فلحمه لحم خروف ، فيتأذون من ذلك.
وكان يحضر درسه أيضا الفقيه الفاضل أبو العباس أحمد (١) الفاسي فجلس يوما قريبا منه ، وكان يتجاهل.
فقال : من هذا؟ فقال : أنا أحمد الفاسي ، فقال له : من فسى يفسو فسوا فهو فاسي.
ولقيه الشيخ أبو البركات بعد أن ترك درسه وخرج من المدرسة وسكن رباط دكالة ، فقال له السراج : من هذا؟ وكان يظهر التعامي وقلة السمع وما هما به ، فقال : أنا أبو البركات ، فقال : بل أبو الهلكات ، فقال له أبو البركات : طائركم معكم وافترقا ، ولقيه يوما في الطريق ، فقال له : أنت أبو البركات؟
فقال : نعم ، فقال : أوحشتنا أوحشنا أنسك.
فقال له أبو البركات :
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا |
|
أن لا تفارقهم فالراحلون هم |
فقال له السراج : فالراحلون أنت ، وافترقا وكان فيه صبر عظيم ، واحتمال كثير.
وكان في أيامه رجل إمامي من حلب ، وكان يسكن في دار تميم الداري له ثروة ورئاسة ، فكان يجلس السراج على طريقه عند باب الرحمة ، فإذا دنا منه يقول له : (ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ) [العلق : ١٦] ، هكذا أبدا وهو لا يجاوبه ولا يعيد الكلام له.
حتى انتقم الله له منه ، وذلك أنه كانت له جارية كأنه نقم عليها شيئا فعاقبها حتى قتلها ، فبلغ ذلك الأمير منصور فمسكه ودخل بيته وأخذ منه ألف دينار.
__________________
(١) هو : أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن الشاذلي الفاسي ، ناب في قضاء المدينة وكان صدرا في العلماء ، توفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة. ترجمته في : «التحفة اللطيفة» ١ / ١١١ (١٩٨).