وفي أيامهم كثرت الروافض واستحكم أمرهم ، وكثرت المكوس على الناس ، فاقتدى بهم غيرهم ، وأفسدت عقائد طوائف من أهل الجبال بثغور الشام وغيرها ، وظهرت النصيرية وغيرهم من طوائف المعتزلة ، وهم إلى الآن.
وكانوا أربعة عشر مستخلفا (١) ثلاثة منهم بأفريقية ، وهم الملقبون : بالمهدي ، والقائم ، والمنصور .. وأحد عشر بمصر وهم الملقبون : بالمعز وهو أولهم ، وإليه نسبت المعزية ، والعزيز ، والحاكم ، والظاهر ، والمستنصر ، والمستعلي ، والآمر ، والحافظ ، والظاهر ، والفائز ، والعاضد.
يدّعون الشرف ونسبتهم على الحقيقة إلى يهودي أو مجوسي كما تقدم ، واشتهر ذلك عند العوام ، فصاروا يقولون الدولة الفاطمية ، وكانوا يأمرون الخطباء بذلك على المنابر ويكتبون على جدران المساجد ، ومثالبهم كثيرة ، ومخازيهم عديدة.
ولكن لا بد من ذكر نبذة يسيرة ها هنا من أزال دولتهم ، وأمات بدعتهم ، وأباد أمتهم ، وأطفى جمرتهم.
كان المهدي يرسل إلى الفقهاء والعلماء من يتسور عليهم ويذبحهم في فرشهم ، وأرسل دعاتهم إلى الروم وسلطهم على الناس فمن وجدوه يفهم شيئا. قالوا له : هو المهدي ابن رسول الله ، وحجة الله. ويقولون لطائفة أجهل من هؤلاء : هو الله الخالق الرازق ـ تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ـ ولما هلك قام ابنه المسمّى بالقائم وزاد شره على شر أبيه ، وجاهر بشتم الأنبياء ، فكان ينادي في أسواق المهدية : العنوا عائشة وبعلها ، العنوا الغار ومن حوى.
وبعث إلى أبي طاهر القرمطي أمير البحرين وحضّه على قتل المسلمين وإحراق المساجد والمصاحف ، فقدم إلى مكة وقتل الحجيج ، وحمل الحجر الأسود ، وأقام عندهم في البحرين نحو ثمانية عشر سنة وأزيد ، ثم ردّوه بعد قصص كثيرة يتعذر شرحها هنا.
__________________
(١) ذكر السيوطي في : «تاريخ الخلفاء» ص ٤٨٢ ، أخبار هذه الدولة الخبيثة ، فقال : فصل في الدولة الخبيثة العبيدية. وختم هذا الفصل بقول الذهبي : فكانوا أربعة عشر متخلفا ولا مستخلفا ، انتهى.