فوليها من ذلك التاريخ الأمير عز الدين جماز بن شيحة ، ولم ينازعه أخوه الأمير عيسى بن شيحة.
ثم إن ابن أخيه مالك بن منيف انتزعها منه في سنة ست وستين وستمائة ، فاستنجد عليه الأمير جماز بأمير مكة وبغيره من العربان ، وسار إلى المدينة ، فلم يقدروا على إخراجه منها ، فلما أيسوا رحل صاحب مكة وغيره من العربان ، وبقي الأمير جماز مع جماعته. فأرسل إليه الأمير مالك بن منيف يقول له ما معناه : أراك حريصا على إمارة المدينة وأنت عمي وصنو أبي ، وقد كنت له معاضدا ومساعدا ويجب علينا أن نحترمك ونرعى لك حقوقك ، وقد استخرت الله تعالى ونزلت لك عن إمارة المدينة طوعا لا كرها ، فسرّ بذلك الأمير جماز وحمد الله تعالى على حقن الدماء وبلوغ المقصود ، واستقل بالإمارة من يومئذ ، فلم تخرج عن يده إلى أن مات ، واستقرت بيد ذريته إلى الآن.
وكان الأمير جماز ذا رأي مصيب وكرم عظيم على إخوته وبنيهم يؤلفهم بالعطاء الجزيل ، حتى استمال قلوبهم ، وقوي أمره بينهم وعضده أولاده ، وكان إخوته ثمانية ، منهم : منيف وعيسى ومحمد جد الفواطم ، وأبو رديني جدّ الردنة ، وكان أولاد جماز أحد عشر ولدا ، وعاش الأمير عيسى إلى أن توفي في سنة ثلاث وثمانين وستمائة. وأقام جماز في الولاية مستقلا بها من غير منازع من يوم سلّمها له مالك بن منيف إلى سنة سبعمائة.
فلما كان عام سبعمائة خلع الأمير جماز نفسه من الولاية ونزل عنها لولده الأمير منصور ، وأمر أن يخطب له على المنبر ، وحالف الناس على طاعته ونصرته وذلك لأنه كان قد أضر في آخر عمره وشاخ وضعف ، وكان ولده منصور أبرّ أولاده به ، فحسده إخوته ، وتقدم أنهم كانوا أحد عشر ، منهم : منصور وسند ومقبل وودي وقاسم ومسعود وراجح ومبارك وثابت وآخرون.
وكان للأمير منصور أيضا أحد عشر ولدا ، وهم : كبيش وكبش وطفيل وجماز وريان وعطية وكوير وحقان ونعير ونجاد ، وشخص آخر لعله نمي ،