قال قيس ؛ فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «اركب» ، فأبيت.
فقال لي : «إما أن تركب ، وإما أن تنصرف» ، فانصرفت.
وفي رواية أخرى : «اركب أمامي ، فصاحب الدابة أولى بمقدمها».
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يؤلفهم ، ولا ينفرهم ، ويكرم كريم قوم ويولّيه عليهم.
وقالت عائشة رضياللهعنها : ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ما دعاه أحد من أصحابه وأهل بيته إلا قال : «لبيك».
وكان يمازح أصحابه ويخالطهم ويحادثهم ويداعب صبيانهم ويجالسهم ، ويجلسهم في حجره ، ويجيب دعوة العبد والحر والأمة والمسكين ، ويعود المرضى في أقصى المدينة.
ولقد قال يوما : «أين فلان»؟
فقيل : مريض.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «نذهب إليه لنعوده».
فقيل له : بعيد منزله.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «منه كان يأتينا».
وكان صلىاللهعليهوسلم يقبل عذر المعتذر.
وقال أنس : ما التقم أحد أذن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فينحي رأسه ، حتى يكون الرجل الذي ينحّي رأسه ، وما أخذ أحد بيده فيرسل يده ، حتى يرسلها الآخر ، ولم يزل على خلق عظيم ، ولم يرى مقدما ركبتيه بين يدي جليس له ، وكان يبدأ من لقيه بالسلام ، ويبدأ أصحابه بالمصافحة ، ولم ير قط مادا رجليه بين أصحابه حتى لا يضيق بهما على أحد ، حتى إنه يوما أراد أن يمد رجله لتعب لحقه ، فتلطف إلى جلسائه ، فمد رجله الكريمة.
وقال لهم صلىاللهعليهوسلم : «ما تشبه هذه؟».
فدارت أذهانهم إلى وجوه المشابهة ، فلما أعيوا وقد استراح ، مد الأخرى وقال : «هذه» ، يعني صلىاللهعليهوسلم أنه لا يشبهها إلا الأخرى ، فحصل مقصوده مع بقاء حسن الأدب معهم صلىاللهعليهوسلم.