أحببت فقل بين أيديهم ما قلت بين يدي حتى يذهب ما في صدورهم عليك.
قال : نعم.
فلما كان الغد أو العشي جاء فقال صلىاللهعليهوسلم : «إنّ هذا الأعرابي قال ما قال فزدناه فزعم أنه رضي ، أكذلك؟».
قال : نعم جزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «مثلي ومثل هذا ، مثل رجل له ناقة شردت عليه ، فأتبعها الناس فلم يزيدوها إلا نفورا ، فناداهم صاحبها : خلوا بيني وبين ناقتي ، فإني أرفق بها منكم وأعلم. فتوجّه لها بين يديها ، فأخذ لها من قمام الأرض ، فردها حتى جاءت واستناخت ، وشد عليها رحلها واستوى عليها ، وإني لو تركتكم حيث قال الرجل ما قال فقتلتموه دخل النار».
ولما كذبه قومه ، ناداه ملك الجبال وسلم عليه وقال : مرني بما شئت ، إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين؟.
فقال صلىاللهعليهوسلم : «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئا».
وقال له جبريل عليهالسلام : إن الله تعالى أمر السماء والأرض والجبال أن تطيعك.
فقال عليه الصلاة والسلام : «أؤخّر عن أمتي لعل الله أن يتوب عليهم».
ورفقه عليه الصلاة والسلام بالأعرابي الذي بال في المسجد ، وقال لأصحابه : «لا تزرموه».
وأما حسن عشرته وأدبه فقد انتشرت به الأخبار الصحيحة.
وقال علي رضياللهعنه وكرم وجهه في وصفه عليه الصلاة والسلام : كان أوسع الناس صدرا ، وأصدقهم لهجة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عشرة.
ومن ذلك قصته صلىاللهعليهوسلم مع قيس بن سعد ، لما زار سعدا وأراد الانصراف ، قرب سعد حمارا ووطاء عليه بقطيفة فركب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
ثم قال سعد : يا قيس ، اصحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم.