فقال : «اللهم [اغفر أو](١) اهد» ، ثم أظهر سبب تلك الشفقة عليهم والرحمة.
بقوله : «لقومي» ، ثم اعتذر عنهم بجهلهم.
ولما قال له الرجل : اعدل ، فإن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. لم يزده في جوابه أن بين له ما جهله ، ووعظ نفسه وذكرها بما قال له.
ومن عظيم عفوه وصفحه : عفوه عن اليهودي الذي سحره ، وعفوه عن اليهودية التي سمته في الشاة ، وكفه عن المنافقين مع علمه بنفاقهم وسوء نياتهم ، وعفوه عن الأعرابي الذي جبذه بردائه جبذة شديدة حتى أثرت حاشية البرد في صفحة عاتقه الشريف ، ولما أظهره الله على قريش ، لم يشكّوا في استئصال ساقتهم ، وإبادة خضرائهم ، فعفى عنهم.
وقال صلىاللهعليهوسلم : «ما تقولون إني فاعل بكم»؟
فقالوا : خيرا ، أخ كريم وابن أخ كريم.
فقال عليه الصلاة والسلام : «أقول كما قال أخي يوسف : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) [يوسف : ٩٢] ، اذهبوا فأنتم الطلقاء».
وروي (٢) أن أعرابيا جاء يطلب منه شيئا فأعطاه ثم قال له : «أحسنت إليك»؟
فقال الأعرابي : لا ، ولا أجملت.
فغضب المسلمون وقاموا ، فأشار إليهم أن كفوا ، ثم قام ودخل منزله وأرسل إليه وزاده شيئا.
ثم قال صلىاللهعليهوسلم : أحسنت إليك؟
قال : نعم فجزاك الله من أهل وعشيرة خيرا.
فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : إنك قلت ما قلت وفي نفس أصحابي منك شيء ، فإن
__________________
(١) ساقطة في جميع النسخ ، وما أثبته من «الشفا».
(٢) الشفا : ١ / ١٢٣. قلت : قال الخفاجي في «الشرح» ٢ / ٧٥ ؛ هذا الحديث رواه البزار عن أبي هريرة بسند ضعيف ، وكذا ابن حبان وغيره ولم يسموا الأعرابي اه.
وقال ٢ / ٧٨ : وهذا الحديث رواه البزار وأبو الشيخ بسند ضعيف عن أبي هريرة وابن حبان في «صحيحه» وابن الجوزي في «الوفا» اه.