دكالة (١) ، لم يزل فيه ليقرب من صحبة المشايخ الصلاح الساكنين به ، وكان يصوم الثلاثة الأشهر متوالية ، وكان لا يصحب إلا المجاورين الذين لهم في العبادة قدم ، وهم في الناس كنار على علم ، له اليوم خادم صالح من أهل القرآن ، عاش بين الإخوان بعقله ، وساس وقته بفعله ، وكانت وفاة سيده فيما يغلب على الظن سنة ست وثلاثين وسبعمائة.
ومنهم مختار المعروف (٢) ـ بالمولّه ـ ، كان من إخوان نصر في خلقه ، صحب المشايخ الكبار ، مثل الشيخ أبي محمد البسكري وغيره ، فتأدّب بآدابهم ، واكتسب من أخلاقهم ، وكان له كرم واعتقاد حسن ، وكان من الخدام الذين لهم أخباز ، وكان الشيخ عمر (٣) الخراز من إخوانه ، وكان عمر يأخذ الدين الكثير لأجل عياله ، فيأتي الموسم وعليه فوق الثلاثة الآلاف درهم فيقضيها الطّواشي مختار ، وربما يقول له : خذ من خبزي (٤) بغير ميزان ، فيحفن له حفنات تقضي دينه ، ويعينه على وقته.
وبلغني أنه يجمع الفقراء ويعطيهم ثوبه يفلّونه ، يريد بذلك المؤانسة ، ثم يعطيهم التمر والخبز يرون أنه أجرة ، وما هو إلا ليحصل الثواب والأجر بلا منّة عليهم ، رحمة الله عليه. توفي سنة إحدى وأربعين وسبعمائة.
ومنهم عزّ الدين ريحان الطباخي (٥) رحمهالله ، كان حنفيا متفقها ملازما للعلماء ، محبا في الفضلاء ، مساعدا عند الشيوخ على تسديد الأمور المعضلات ، وترقيع الخصومات ، كثير الحجّ إلى بيت الله الحرام. توفي رحمهالله في سنة ست وأربعين وسبعمائة.
ومنهم ريحان الهندي (٦) ، من الخدّام الذين طالت إقامتهم في الخدمة الشريفة ، له مآثر حسنة ، ووقف رباطين حسنين ، عمّ النفع بهما ، ونخيلا
__________________
(١) وهو رباط سيدنا عثمان ، ودكالة قبيلة من قبائل البربر بالمغرب ، وسيأتي مزيد كلام عليه.
(٢) ترجمته في : «المغانم المطابة» ، الورقة ٢٥٩ / ب.
(٣) وهو : عمر بن عياذ الأنصاري الخراز ، وستأتي ترجمته.
(٤) في هامش النسخ عبارة : «أي معلومي من الدراهم ، والله أعلم».
(٥) ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٣٥١ (١٢٨٧) ، «المغانم المطابة» ، الورقة ٢٣٨ / أ.
(٦) ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٣٥٢ (١٢٩٤) ، نقلا عن ابن فرحون ؛ «المغانم المطابة» الورقة ٢٣٨ / أ.