والعمل ما لا عليه مزيد ، وقد تقدم ذكره مع الشيخ أبي محمد البسكري رحمهالله. توفي قبل والدي بسنين أظنها أربعا أو خمسا ، وأما ذكر جماعتهم فقد تقدّم ذكر بعضهم.
وممن كان يخدمهم من الأعيان الشيخ سعيد (١) ، والشيخ ريحان النوبي (٢) ، والشيخ موفق الحبشي (٣) ، وكثيرون على أخلاق شيوخهم وطريقتهم ، وخلف الشيخ أبا محمد في مكانه ومنزله جماعة صلحاء.
منهم الشيخ عز الدين الواسطي (٤) ، كان من أهل العلم والعمل ؛ وأرباب القلوب ، دخل المدينة للزيارة فوقف على باب السّلام وسلّم من مكانه ورجع إلى منزله ، فقيل له في ذلك ، فقال : إني لم أجدني أهلا للدخول إليه ، ولا للوقوف بين يديه ، من أنا حينئذ حتى أصلح لذلك.
ثم أقام بالمدينة فكان لا يزال لسانه رطبا بذكر الله وبتلاوة القرآن ، وكان يقرأ قراءة لم يسمع السّامعون مثلها ، وكان مسكنه في الرباط المذكور في بيت الشيخ أبي محمد على تقشف وفقر.
كنت يوما عند الشيخ أبي الحسن الخراز فقال لي ولجماعة معي : رأيت البارحة هذا الفقير الذي أقام عندنا على المنبر يخطب ، فلا بد له من ذلك.
وكذلك رأيته بعد وفاة الشيخ أبي الحسن على المنبر خطيبا ، لما سافر القاضي سراج الدين (٥) استنابه في الإمامة والخطابة ، فقام بها أحسن قيام ، وكان عليه روح ، وللناس فيه اعتقاد عظيم ، وهذا مع ما يوجد فيه من سلامة الباطن والسذاجة والتغفل ، حتى يظن الذي يراه أن به هبل ، وهو في علمه واجتهاده متقن العلم والعمل لا يعتريه خلل ، إذا أخذت معه في شيء من أحوال الدنيا ، كان جوابه بأحوال الأخرى ، فينقطع معه الكلام ، وكان إذا
__________________
(١) ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٤٠٩ (١٥٦٨) ، نقلا عن ابن فرحون.
(٢) ذكره في : «التحفة اللطيفة» ١ / ٣٥٢ (١٢٩٣) ، نقلا عن ابن فرحون.
(٣) لم أعثر له على ترجمة.
(٤) لم أعثر له على ترجمة.
(٥) هو : سراج الدين عمر بن أحمد بن خضر الأنصاري الخزرجي ، وقد تقدمت ترجمته.