وجلس مجلسه المعروف جئت إليه ، وقلت له على خوف : ما تقول في الشيخ عز الدين الواسطي؟
فقال : أقبله ومن هنا مثله ، فناديت الشيخ عز الدين ، وفي ظني أنه لا يعلم ما قلت له ، بل لا يذكر مجلسي معه ، فلما جاءه عظمه الأمير طفيل وقام له ، فبدأه الشيخ بغضب ورفع صوت وانزعاج ، وقال : يا طفيل ، اتق الله. كرّرها ثلاثا.
وهو يقول : الله يجعلنا يا عزّ الدين من المتقين.
ثم قال له : أما تتبع جدّك وأفعاله ، كان جدّك علي بن أبي طالب رضياللهعنه متصفا بكذا وكذا ، وذكر له من الوعظ ما أبهته حتى ودّ أنّه لم يأته.
ثم قال له : ليس لك عند هذا الفقيه شيء ولا دعوى ، وذلك الرجل الميت كان فقيرا من الفقراء ، والذي يقول لك الفقيه هو الصحيح ، والسلام.
فقبل كلامه وحمله على الشهادة ، ورأى الناس أنّ هذا كان من الشيخ بغير قوته ، ولا جاري عادته ، بل أجراه الله على لسانه لما أراد الله لي بإحسانه وفضله.
والذي لقيت من الأعداء والحسدة البغضاء الذين أبادهم الله ، ولم يبلغوا مما أمّلوا من الشر شيء لا يحصى ، وفي كيفية نصر الله عليهم في قصص طويلة لا تستقصى ، ولا يسع تدوينه في كتاب ، وإلى الله عزوجل معهم المآب.
وما أحسن قول القاضي صدر الدين ابن القماح رحمهالله :
اصبر على حلو القضاء ومرّه |
|
واعلم بأن الله بالغ أمره |
فالصدر من لقي الأمور بصدره |
|
وبصبره وبحمده وبشكره |
والحرّ سيف والذّنوب لصفوه |
|
صدأ وصيقله نوائب دهره |
فإذا أصبت بما أصبت فلا تقل |
|
أوذيت من زيد الزمان وعمره |
واثبت فكم همّ أهّمك عسره |
|
ليلا فبشّرك الصّباح بيسره |
ولكم على يأس أتى فرج الفتى |
|
من سرّ غيب لا يمرّ بفكره |