فخرج إليه مالك برباطة جأش وشدة قلب ؛ فتجاولا بين الصفين مليا ، وقد قبض الجمعان أعنة خيولهم ، ينظرون ما يكون منهما ، ثم إن المرزبان حمل على مالك بالسيف حملة الأسد ، فراغ عنه مالك ، ثم ضربه مالك بسيفه على مفرق الرأس ، فقد البيضة والدرع ، وأبان رأسه عن جسده.
فزحف الفريقان بعضهما إلى بعض ، واقتتلوا من نصف النهار إلى العصر ، وأكل أصحاب المرزبان بالسيف وصدقهم الأزد الطعن والضرب ، فولوا منهزمين ، على وجوههم هاربين ، حتى انتهوا إلى معسكرهم (١) ، وقد قتل منهم خلق كثير ، وكثر الجراح في عامتهم.
فعند ذلك أرسلوا إلى مالك يطلبون منه الصلح ، [و](٢) أن يكف عنهم الحرب ، وأن يؤخرهم إلى سنة ، ليخرجوا أهلهم من عمان. وأعطوه على ذلك عهدا وجزية ، فأجابهم مالك إلى ذلك ، وأعطاهم عهدا أن لا يعارضهم ، حتى يبدؤوه (٣) بحرب ، وكفّ عنهم الحرب ، وعادوا إلى صحار [م ٢٣٦] وما حولها من الشطوط. وكانوا هنالك ، والأزد في عمان. وانحاز مالك إلى جانب قلهات.
فقيل إن الفرس في تلك المهادنة طمسوا أنهارا كثيرة وأعموها ، وكان سليمان بن داود ـ عليه السلام ـ أقام بعمان عشرة أيام ، وقد حفر فيها عشرة آلاف فلج (٤). وطمس الفرس أكثرها في مدة الصلح التي طلبوها من مالك بن فهم.
__________________
(١) في الأصل (حتى انتهوا عسكرهم) ، والصيغة المثبتة من كتاب تحفة الأعيان للسالمى (ج ١ ص ٢٨)
(٢) ما بين حاصرتين إضافة.
(٣) في الأصل (يبدوه).
(٤) الفلج بالتحريك هو النهر ، وقيل النهر الصغير ، وهو الماء الجاري (ابن منظور : لسان العرب).