ثم إن الفرس كتبوا إلى الملك دارا بن دارا بقدوم مالك إلى عمان (١) بمن معه ، وما جرى بينهم وبينه من الحرب ، وقتل قائده (٢) المرزبان ، وجل أصحابهم ، وأخبروه بما فيهم من الضعف والعجز ، واستأذنوه في التحمل إليه بأهليهم وذراريهم. فلما وصل كتابهم إليه وقرأه ، غضب غضبا شديدا ، وداخله القلق ، وأخذته الحميّة بمن قتل من أصحابه وقواده. فعند ذلك دعا بقائد (٣) من عظماء مرازبته (٤) وأساورته ، وعقد له على ثلاثة آلاف من أجلاء أصحابه ومرازبته (٥) وبعثهم مددا لأصحابه الذين بعمان ، فتحملوا إلى البحرين ، ثم تخلصوا إلى عمان [م ٢٣٧].
وكل هذا لم يدره مالك. فلما وصلوا إلى أصحابهم ، أخذوا يتأهبون للحرب ، حتى انقضى أجل العهد. فجعل مالك يستطلع أخبارهم ، وبلغه وصول المدد إليهم ، فكتب إليهم : «إني قد وفيت بما كان بيني وبينكم من العهد وتأكيد الأجل ـ وأنتم بعد حلول بعمان ـ وبلغني أنه قد أتاكم من قبل الملك مدد عظيم ، وأنكم تستعدون لحربي وقتالي. فإما أن تخرجوا من عمان طوعا ، وإلا رجعت عليكم بخيلي ورجلي ، ووطئت (٦) ساحتكم ، وقتلت مقاتلتكم ، وسبيت ذراريكم ، وغنمت الأموال».
فلما وصل رسوله إليهم أهالهم أمره ، وعظموا رسالته إليهم ، مع قلة (٧) عسكره ، وكثرتهم وما هم فيه من القوة والمنعة. وزادهم (٨) غيظا وحنقا ، وردوا عليه أقبح رد (٩). فعند ذلك زحف عليهم مالك في خيله ورجله ، وسار حتى وطأ أرضهم.
__________________
(١) في الأصل (بعمان).
(٢) في الأصل (قايده).
(٣) في الأصل (بقايد).
(٤ و ٥) في الأصل (مرازنته).
(٤ و ٥) في الأصل (مرازنته).
(٦) في الأصل (ووطيت).
(٧) في الأصل (مع فعلة).
(٨) في الأصل (وناداهم).
(٩) في الأصل (مرد).