وقيل إن مالك بن فهم قتله ولده سليمة خطأ. وسبب ذلك : قيل إن مالكا جعل على أولاده الحرس بالنوبة كل ليلة على رجل منهم ، ومعه الجماعة من خواصه وأمنائه ، وكان سليمة أحب إخوته إلى أبيه ، وأحظاهم لديه ، وأكرمهم عليه ، وأرفعهم منزلة عنده ، وكان يعلمه الرمي حتى أحذق ، وصار حاذقا ماهرا ، فحسده إخوته لمكانه من أبيه ، وكانوا يطلبون له عثرة مع أبيه ، فلم يجدوا له عثرة ، فأقبل ذات يوم نفر منهم إلى أبيهم ، فقالوا «يا أبانا! إنك جعلت على كل رجل واحد منا نوبة من الحرس ، وكل منا قائم بنوبته ، ماخلا أخانا سليمة فإنه إذا كانت نوبته انفرد عن أصحابه ، وتشاغل بالنوم عن الحرس. فلا تكن لك منه كفاية ولا معين».
وجعلوا يوهنون أمره ، وينسبونه إلى العجز والتقصير ، فقال لهم أبوهم «إن كلا منكم قائم بما عليه ؛ وليس بأحد منكم [م ٢٤٤] تقصير. وقد فهمت قولكم في ولدي سليمة ، فإن لم تزل الإخوة يحسد بعضهم بعضا لإيثار الآباء بعضهم على بعض ، وإن ظني به لكعلمي به». ثم انصرفوا عنه ، ولم يبلغوا ما أمّلوه.
ثم [إن](١) مالكا داخله [الشك](٢) فيما تكلموا به من أمر سليمة ، فأراد أن يختبر دعواهم ، فلما كانت نوبة سليمة في الحرس ـ وقد خرج سليمة في فرسان قومه ـ وكان من عادته إذ خرج للحرس انفرد عن أصحابه ، وكمن قريبا من دار أبيه ، فلما كانت تلك الليلة خرج مع أصحابه ، وانفرد عنهم كعادته ، وكمن في مكانه.
وكان مالك قد خرج في تلك الليلة متنكرا مستخفيا ، لينظر هل يصح قول أولاده في سليمة ، وكان سليمة قد أخذته تلك الساعة سنة ـ وهو على
__________________
(١ و ٢) ما بين حاصرتين إضافة لضبط المعنى.
(١ و ٢) ما بين حاصرتين إضافة لضبط المعنى.