ظهر فرسه ـ فلما رأى الفرس شخص مالك من بعيد صهل ، فانتبه سليمة من سنته (١) مذعورا ، ورأى الفرس ناصبا أذنيه مقابلا لما يراه. وكان معودا للفرس إذا رأى شيئا نصب أذنيه مقابلا لما يراه ، فيرمي الفارس السهم بين أذني الفرس ، فلا يخطأ ما يراه الفرس ، ففوق سليمة سهمه ، ويمنه نحو أبيه مالك ، وهو لا يعلم أن [م ٢٤٥] ذلك الشخص أبوه. فسمع مالك صوت السهم وقد خرج من كبد القوس ، فهتف به : «يا بنى! لا ترم! أنا أبوك!!». فقال «يا أبت! ملك السهم قصده!» فأصاب مالكا في لبة قلبه.
فقال مالك حين أصابه السهم قصيدة طويلة ، انتخبت منها هذه الأبيات : ـ
جزاه الله من ولد جزاء |
|
سليمة أنه ساء ما جزاني |
أعلمه الرماية كل يوم |
|
فلما اشتد ساعده رماني |
توخاني بقدح شك لبي |
|
دقيق قد برته الراحتان |
فأهوى سهمه كالبرق حتى |
|
أصاب به الفؤاد وما عداني |
ألا شلت يمينك حين ترمي |
|
وطارت منك حاملة البنان |
[فلما مات مالك أنشأ ولده هناءة يقول شعرا]
لو كان يبقى على الأيام ذو شرف |
|
لمجده لم يمت فهم ولا ولدا |
حلت على مالك الأملاك جائحة |
|
هدّت بناء العلا والمجد فانقصدا |
أبا جذيمة لا تبعد ولا غلبت |
|
به المنايا وقد أودى وقد بعد |
لو كان يفدى لبيت العز ذو كرم |
|
فداك من حل سهل الأرض والجلدا |
يا راعي الملك أضحى الملك بعدك لا |
|
ندر الرعاة أجار الملك أم قصدا |
__________________
(١) في الأصل (وسنته).