المعز بن سيف الإسلام طغتكين بن أيوب ، ثم زحف إليه المعز فهزمه ، ثم جمع ثانية سنة ثنتي عشرة وست مئة جموعا من همدان وخولان ، وارتجت له اليمن ، وخاف المسعود بن الكامل (١) ، وهو يومئذ صاحب اليمن ومعه الكرد والترك. وأشار أمير الجيوش عمر بن رسول بمعاجلته قبل أن يملك الحصون. ثم اختلف أصحاب المنصور ، ولقيه المسعود فهزمه. وتوفي المنصور سنة ثلاثين وست مئة عن عمر (٢) مديد وترك ابنا اسمه أحمد ، ولاه الزيدية ، ولم يخطبوا له بالإمامة ، ينتظرن علو سنه ، واستكمال شروطه. ولما كانت سنة خمس وأربعين بايع قوم من الزيدية بحصن ثلا للموطىء من بني الرسي ، وهو أحمد بن الحسين (٣) من بني الهادي. لأنهم لما أخرجهم بنو سليمان من كرسي إمامتهم بصعدة ، آووا إلى جبال قطابة بشرقي صعدة ، فلم يزالوا هنالك. وفي كل عصر منهم إمام شائع بأن الأمر إليهم ، إلى أن بايع الزيدية أحمد الموطىء ، وكان فقيها أديبا عالما بمذهبهم ، قواما صواما ، بويع سنة خمس وأربعين وست مئة.
وأهم نور الدين عمر بن رسول شأنه ، فحاصره بحصن ثلا سنة ، وامتنع عليه فأفرج عنه. وعمل العساكر من الحصون المجاورة لحصاره ، ثم قتل عمر بن رسول (٤) وشغل ابنه المظفر بحصن الدملوة ، فتمكن الموطىء وملك عشرين حصنا ، وزحف إلى صعدة ، فغلب السليمانيين عليها ، وقد كانوا بايعوا لأحمد ابن إمامهم عبد الله المنصور ، ولقبوه المتوكل ، عند ما بويع للموطىء بالإمامة في ثلا ، لأنهم كانوا ينتظرون استكمال سنه.
فلما بويع الموطىء بايعوه. ولما غلبهم على صعدة ، نزل أحمد المتوكل إمامهم. وبايع لهم وأمنه. وذلك سنة تسع وأربعين ، ثم حج سنة خمسين. وبقي أمر الزيدية في صعدة في عقب الموطىء [١٣٠] هذا.
__________________
(١) السلطان الكامل الأيوبي (كاي).
(٢) صحتها أربع عشرة وست مئة ، عن ثلاث وخمسين سنة (كاي).
(٣) في الأصل : بن.
(٤) كان قتل عمر بن رسول سنة ٦٤٧ ه. وخلفه ابنه المظفر (كاي).