ومنها : أن أبا نمى ـ فى سنة سبع وستين ـ : أخرج عمه إدريس من مكة ، وانفرد بالإمرة ، وخطب لصاحب مصر الملك الظاهر بيبرس الصالحى البندقدارى.
وكتب إليه أبو نمى ـ يذكر له ـ : أنه لما شاهد من عمه إدريس ميلا إلى صاحب اليمن ، وتحاملا على دولته ، أخرجه من مكة ، وانفرد بالإمرة ، وخطب له ، وسأل مرسومه إلى أمراء المدينة : ألا يتخذوا عمه عليه.
فاشترط عليه صاحب مصر : تسبيل بيت الله للعاكف والباد ، وأن لا يؤخذ عنه حق ، ولا يمنع زائر فى ليل أو نهار ، وأن لا يتعرض إلى تاجر ولا حاج بظلم ، وأن تكون الخطبة والسكة له ، ولأبى نمى على ذلك عشرون ألف درهم فى كل سنة.
فلما ورد جواب أبى نمى إلى صاحب مصر بالتزام ذلك ، كتب له تقليدا بالإمرة بمفرده.
ومنها : أن إدريس بن قتادة بعد إخراج أبى نمى له من مكة : حشد وجمع ، وتوجه إلى مكة المشرفة ، ثم اصطلح مع أبى نمى ، واتفقا على طاعة صاحب مصر. وكتب إليه إدريس يعرفه بذلك ، فسلمت الأوقاف لنوابهما.
ذكر هاتين الحادثتين ابن عبد الظاهر كاتب الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر فى السيرة التى جمعها للملك الظاهر.
ومنها : أنه فى سنة تسع وستين وستمائة : وقع بين أبى نمى وعمه خلف ، فاستظهر إدريس على أبى نمى ، وخرج أبو نمى هاربا من بين يدى عمه ، ووصل ينبع (١) ، واستنجد بصاحبها ، وجمع ، وحشد ، وقصد مكة.
فالتقى هو وعمه إدريس وتحاربا ، فطعن أبو نمى إدريس ألقاه عن جواده ، ونزل إليه ، وحز رأسه ، واستبد بالإمرة.
ذكر هذه الحادثة بمعنى ما ذكرناه القطب اليونينى فى ذيل المرآة.
وذكر : أن فى آخر جمادى الأولى من السنة المذكورة : وصل النجابون إلى مصر من عند أبى نمى ، وأخبروا بذلك.
__________________
(١) ينبع : بالفتح ثم السكون ، والباء الموحدة مضمومة ، وعين مهملة : هى عن يمين رضوى لمن كان منحدرا من المدينة إلى البحر على ليلة من رضوى من المدينة على سبع مراحل. انظر معجم البلدان ٤٥٠ / ٥ ، الروض المعطار ٦٢١ ، رحلة الناصرى ٢١٦.