قلاوون لم يدخل فى يمينه المنصور وابنه الصالح ، لكون الأشرف لم يسم فيها فإن كان تأول ذلك ، فهو تأويل غير مستقيم لدخوله فى قوله فى اليمين : وطاعة أولادهما.
وأظن أن الحامل لأبى نمى على تقديم صاحب اليمن على صاحب مصر : كون صلته أعظم من صلة صاحب مصر ؛ لأن العاقل لا يفعل أمرا يلحقه فيه ضرر إلا لنفع أكبر. وكانت صلة صاحب اليمن لأبى نمى عظيمة ، على ما وجدت فى مقدارها ؛ لأن بعض الناس ذكرها ، وذكر شيئا من حال صاحب اليمن بمكة ، وحال أبى نمى معه. وذلك مما يحسن ذكره هنا. ونص ذلك :
وقد كان الملك المؤيد لما تسلطن : جهز تلك السنة علمه المنصور ، ومحمل الحج السعيد ، صحبة القائد ابن زاكى ، فتلقاه الشريف أبو نمى صاحب مكة بالإجلال والإكرم ، وخفقت ذوائب العلم المنصور على جبل التعريف بعرفة ، وأعلن مؤذنه على قبة زمزم بمناقب السلطان على رءوس الأشهاد.
وسمع تلك الأوصاف من ضمه ذلك المقام الشريف ، وحلف للسلطان الملك المؤيد الأيمان الغليظة ، وكتب على قميصه ، ما يقتضى ما جرت به العادة.
ووصل إلى الشريف ـ المذكور ـ ما اقتضته المواهب السلطانية مما كان قرره الخليفة : من العين ، والغلة ، والكساوى ، والطيب من المسك ، والعود ، والصندل ، والعنبر ، والثياب الملونة ، والخلع النفيسة.
وكان مبلغ العين : ثمانون ألف درهم ، ومبلغ الغلة : أربعمائة مد. انتهى من كتاب «العقود اللؤلؤية فى أخبار الدولة الرسولية» لبعض مؤرخى اليمن فى عصرنا.
والذى يصل لصاحب مكة من صاحب اليمن : نحو ربع ذلك أو أقل ، ومبلغ الطعام المذكور بكيل مكة : ألف غرارة ومائتا غرارة مكية. وذلك فى عصرنا.
والخليفة ـ المشار إليه ـ هو الملك المظفر ، والد الملك المؤيد.
ووجدت بخط ابن محفوظ أيضا : أن أمير الركب فى سنة اثنتين وتسعين وستمائة : استحلف أبا نمى على الرواح إلى مصر ، فأعطاه ألف دينار. فعزم فى سنة ثلاث وتسعين ، ثم رجع من ينبع لما بلغه موت الأشرف. انتهى.
ووقع من أبى نمى فى حق الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر ما أوجب انحرافه منه غير مرة.