وكان أكثر من يفتى بمكة ، والفتاوى ترد كثيرا إليه من بلاد الطائف ولية (٣) ، وربما أتته من بلاد زهران ، وكتب على ما أتاه منها أجوبة مفيدة ، قيدت عنه فى كراريس ، ووردت عليه من عدن أسئلة نحو مائة ، فأجاب عنها بما يسع كراريس ، ووردت عليه مسائل من بلاد اليمن غير عدن ، فأجاب عنها.
وأول ولايته مباشرة فى الحرم الشريف ، تلقاها عن الجمال التعكرى (٤) وتدريس درس بشير الجمدار الناصرى ، تلقاه عن القاضى أبى الفضل بحكم وفاته ، ولم ينازعه فيه عمه ، ثم نازعه فيه خالى قاضى الحرمين محب الدين النويرى لما ولى قضاء مكة ، بحجة أن العادة جرت بولاية القضاة بمكة له ، فانتزع منه ووليه خالى ، ثم عاد إليه فى ولاية القاضى عز الدين بن القاضى محب الدين وولى عوضه قضاء مكة ، وما كان بيده من الوظائف فى موسم سنة ست وثمانمائة بتفويض من أمير الركب المصرى طولو الناصرى ؛ لأنه ذكر أن السلطان بمصر جعل له ذلك مع تفويض من صاحب مكة وباشر ذلك إلى موسم سنة سبع وثمانمائة.
ثم ولى ذلك القاضى عز الدين ولم يتمكن كل التمكن ، لورود كتاب الأمير السالمى مدبر الدولة بمصر ، بأن القاضى جمال الدين على ولايته.
وكان قد اشتهر عزله بمصر ، ثم جاءته الولاية فى ليلة ثانى ربيع الآخر سنة ثمان وثمانمائة ، وباشر ذلك إلى أواخر شعبان سنة عشر وثمانمائة ، ثم باشر ذلك القاضى عز الدين فى أوائل رمضان إلى قبيل النصف من شعبان سنة اثنتى عشرة ، ثم باشر ذلك القاضى جمال الدين إلى العشرين من ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، ثم باشر ذلك القاضى عز الدين ، إلى موسم هذه السنة ، ثم باشر ذلك القاضى جمال الدين إلى أن شغله المرض الذى مات فيه عن ذلك.
وكان عزل عن ذلك بنائب له من أقاربه ، وهو القاضى كمال الدين أبو البركات
__________________
(٣) ليّة : بتشديد الياء ، وكسر اللام ، ولها معنيان : الليّة قرابة الرجل وخاصته ، واللّية : العود الذى يستجمر به ، وهو الالوّ. وليّة : من نواحى الطائف مرّ به رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين انصرافه من حنين يريد الطائف وأمر وهو بليّة بهدم حصن مالك بن عوف قائد غطفان. قال الأصمعى : لية واد قرب الطائف أعلاه لثقيف وأسفله لنصر بن معاوية. انظر : معجم البلدان ، ومعجم ما استعجم (لية).
(٤) نسبته إلى تعكر : بضم الكاف ، وراء : قلعة حصينة عظيمة مكينة باليمن من مخلاف جعفر مطلّة على ذى جبلة ، ليس باليمن قلعة أحصن منها. معجم البلدان (تعكر).