منها : أن جدى قال : أخبرنى الشيخ الإمام رضى الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد ابن إبراهيم الطبرى ، إمام مقام إبراهيم عليهالسلام قال : أخبرنى الإمام الزاهد تقى الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن مرا الحورانى : أن الشيخ القرطبى ، وهو الإمام علم العلماء والزهاد ، أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف الأنصارى ، الفاسى المولد ، القرطبى الأصل ، رأى النبىصلىاللهعليهوسلم فى المنام ، فسأله أن يعلمه كلمات فى الاستخارة ، فعلمه النبى صلىاللهعليهوسلم هذه الكلمات : اللهم رب محمد ، أسألك بترابه الطيب الطاهر ، وما ضمه من أعضائه ، ورفعته به إلى ملكوتك الأعلى ، أن تعزم لى على أحب الأمور إليك منى ، ولا تكلنى إلى نفسى طرفة عين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، يقوله ثلاثا. انتهى.
وقال جدى : أنشدنا شيخنا قطب الدين رحمهالله ، قال : أنشدنا شيخنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبى الأصل ، الفاسى المولد ، رحمهالله ورضى عنه (١).
لو كنت أعقل ما أطبقت مقلتى |
|
وكان دمعى على الخدين يستبق |
كأننى شمعة يبدو توقدها |
|
لمن أراد اهتداء وهى تحترق |
ووجدت بخطه : سمعت شيخنا أبا بكر محمد بن أحمد القسطلانى رحمهالله يقول : كان شيخنا أبو عبد الله القرطبى ، إذا جاءه أحد من الأشراف ، يقوم له قائما ، ولا يزال قائما حتى يقضى ذلك الشريف حاجته ، أو ينصرف ، أو يجلس ، وله أخبار مع السلطان الملك الكامل فى حق شرفاء المدينة وتعظيمهم. انتهى.
وبلغنى أن سبب كثرة تعظيم الشيخ أبى عبد الله القرطبى للأشراف : أنه مات منهم شخص ، فتوقف عن الصلاة عليه ؛ لكونه كان يلعب بالحمام ، فرأى النبى صلىاللهعليهوسلم فى المنام ، ومعه ابنته السيدة الزهراء فاطمة رضى الله عنها ، وهى معرضة عن القرطبى فاستعطفها ، فقالت تعاتبه : أما يسع جاهنا مطيرا؟.
وبلغنى : أنه بعد هذه الرؤيا ، سافر مع بعض الأشراف إلى مصر ، لقصد قضاء حوائجهم هناك ، فإن الكامل صاحب مصر ، كان يأتى إليه ويزوره.
فكان الشيخ أبو عبد الله يخدهم بنفسه ، فلما وصلوا إلى مصر ، سعى فى حوائجهم حتى قضيت سريعا.
وذكر جدى حكايتين فى تعظيم القرطبى هذا ، لذرية الأولياء :
__________________
(١) البيتان فى التحفة اللطيفة (٢ / ٥٥٧). وفيها : «وكان دمعى على الحديث يستبق» ، وفى الثانى : «كأنه شمعة يبدو».